قال ابن الأنباري: (أم) استفهام متوسط، لا يكون إلا بعد كلام، جعلوا للمتوسط لفظًا يخالف لفظ السابق، فكان للسابق (هل) وأخواتها، وللمتوسط (أم) يدل على صحة هذا قوله عز وجل: ﴿الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: ١ - ٣]، أتى بـ (أم) وسطًا، فجعلها استفهامًا، ولم يَرْدُدْهَا على استفهام متقدم، ومن هذا قول الأخطل:
كَذَبَتْكَ عينُكَ أم رأيتَ بواسِطٍ | غَلَسَ الظلامِ من الرباب خَيَالا (١) |
كذبتك عينك أم رأيت............... البيت.
وقد استقصينا الكلام في (أم) عند قوله: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا﴾ [البقرة: ١٠٨] الآية.
وقال بعضهم: أم هاهنا عطفٌ على استفهام متقدم محذوف، تقديره: أعلمتم أن الجنة حفت (٣) بالمكاره، أم حسبتم أن تدخلوا الجنة من غير بلاء ولا مكروه؟ والكلام ما ذكره الفراء وابن الأنباري (٤).
(١) البيت في "ديوانه" ص ٣٨٥ "المعجم المفصل" ٦/ ٧٩.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧٢٨.
(٣) في (أ) (تحف).
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٥، "التبيان" ص ١٣١، واختارا أنها منقطعة، وفي "البحر المحيط" ٢/ ١٣٩ ذكر أبو حيان في (أم) هنا أربعة أقوال: الأول: أنها منقطعة بمعنى بل والهمزة. والثاني: أنها متصلة على إضمار جملة قبلها. والثالث: الاستفهام بمعنى الهمزة. والرابع: الإضراب بمعنى بل، قال: والصحيح هو القول الأول.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧٢٨.
(٣) في (أ) (تحف).
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٥، "التبيان" ص ١٣١، واختارا أنها منقطعة، وفي "البحر المحيط" ٢/ ١٣٩ ذكر أبو حيان في (أم) هنا أربعة أقوال: الأول: أنها منقطعة بمعنى بل والهمزة. والثاني: أنها متصلة على إضمار جملة قبلها. والثالث: الاستفهام بمعنى الهمزة. والرابع: الإضراب بمعنى بل، قال: والصحيح هو القول الأول.