فأعلم أولياءه أنه ناصرهم لا محالة، وأن ذلك قريب منهم كما قال ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: ٢٢].
وقوله تعالى: ﴿مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ (متى) سؤال عن زمان؛ لأن جوابها يقع بالزمان، ألا ترى أنك تقول: متى زيد خارج؟، فيكون الجواب: يوم الجمعة أو يوم السبت، فإذا كان الاسم الذي يلي (متى) جثة احتاج إلى خبر، كقولك: متى زيد منطلق؟، ولا يجوز أن تقول: متى زيد، وتسكت؛ لأن ظروف الزمان لا تكون خبرًا للجثث، وإن كان الاسم الذي (يلي) (١) (متى) لا يكون جثة، حسن السكوت على ذلك الاسم، كقولك: متى القتال؟ وكما في هذه الآية ﴿مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾؛ لأن ظروف الزمان تكون خبرًا للمصادر (٢).
وقوله تعالى ﴿أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ﴾ (ألا) صلةٌ لابتداء الكلام، كأنه تنبيهٌ للمخاطب.
قال صاحب النظم: في هذه الآية مبتدآن وجوابان، جمع بين المبتدأين والجوابين، فقوله: ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ مبتدآن.
وقوله: ﴿مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ إلى آخر الآية جوابان لهما، مجموع بينهما، فيحتاج أن يرد كل جواب إلى ابتداء به ليبين نظم الكلام، والتقدير: حتى
(٢) ينظر في متى: "الكتاب" لسيبويه ١/ ٢١٧ - ٢١٨، "المقتضب" ٣/ ٦٣، ٢٨٩، "الأزهية" ٢٠٠ - ٢٠١، "مغني اللبيب" ٤٤٠ - ٤٤١، قال في "التبيان" ص ١٣١: وموضع متى رفع؛ لأنه خبر المصدر، وعلى قول الأخفش موضعه نصب على الظرف، ونصر مرفوع به.