بالله، وهو خطأ بإجماع من الأمة.
والوجه الآخر: أن يجعل الصد مرتفعًا بالابتداء، وخبره محذوف لدلالة ﴿كَبِيرٌ﴾ المتقدم عليه، كأنه قال: والصد كبير، كقولك: زيد منطلق وعمرو، فيصير التقدير: قل قتال فيه كبير، وكبيرٌ الصد عن سبيل الله والكفر به، وينتقض هذا عليه بقوله: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾؛ لأنه يستأنف على ما ذكر من التقدير قوله: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرِ﴾ (١) وإخراج أهله منه لا يكون أكبر عند الله من الكفر به، ومن قال: إنه أكبر فهو غالط بالإجماع (٢).
ومعنى الصد: الحَبْس، يقال: صَدَّ عن الشيء صُدُودًا، إذا صَدَف عنه، وصَدَّ غَيرَه يَصُدّ صَدًّا (٣)، ويعني بهذا الصد: أن المشركين منعوا رسول الله - ﷺ - وأصحابه عن البيت عام الحديبية (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَكُفْرٌ بِهِ﴾ أي: بالله ﴿وَالْمَسْجِدِ﴾ يُخْفَضُ بالعطف على ﴿سَبِيلِ اللَّهِ﴾ تقديره: وصدٌّ عن سبيلِ الله وعن المسجدِ الحرام؛ لأن المشركين صدوا المسلمين عنه؛ كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
(٢) ينظر في مناقشة الفراء: "مشكل إعراب القرآن" لمكي ١/ ١٢٨.
(٣) ينظر في الصد "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٨٤، ١٩٨٥، "المفردات" ص ٢٧٩، "اللسان" ٤/ ٢٤٠٩ "صد".
(٤) ذكر الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ٧٦٧ مثل قول الواحدي، دون قوله: عام الحديبية، وفيه إشكال؛ لأن الآية نزلت قبل ذلك، والظاهر أن المراد بالصد عن سبيل الله: الصد عن دين الله. ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٢١، "تفسير القرطبي" ٣/ ٤٦، وقد حاول الرازي الإجابة عن هذا بأن المراد أنه معلوم لله قبل وقوعه، والأولى ما ذكرنا.