ويجوز (١) أن يرفع العفو، وإن جعلت ما وذا بمنزلة شيء واحد، على معنى: قل هو العفو (٢)، والكلام في (ماذا) قد مر مستقصى (٣).
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ﴾ أشار إلى ما بين في الإنفاق، كأنه قال: مثل الذي بينه لكم في الإنفاق إذ يقول: (قل العفو) يبين لكم الآيات لتتذكروا (٤) في أمر الدنيا والآخرة، فتعرفوا فضل الآخرة على الدنيا.
وقيل: مثل البيان في الخمر والميسر يبين الله لكم الآيات (٥). وقال: ﴿كَذَلِكَ﴾ وهو يخاطب جماعة؛ لأن الجماعة معناها القبيل، كأنه قال: كذلك أيها القبيل.
وقد أتى القرآن في غير موضع (بذلك) للجماعة، قال الله تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ﴾ ثم قال: ﴿وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٠] والأصل: (ذلكن) (٦)، إلا أن الجماعة في معنى القبيل، وجائز أن يكون الكاف للنبي - ﷺ -، أي: كذلك أيها النبي يبين الله لكم الآيات؛ لأن خطاب النبي - ﷺ - مشتمل على خطاب أمته، كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾ [الطلاق: ١] (٧).
(٢) ذكره الزجاج ١/ ٢٩٣.
(٣) ينظر ما تقدم.
(٤) (لتتفكروا) في (ش)، وفي (ي): (تتفكروا).
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٦٨ - ٣٦٩، "بحر العلوم" ١/ ٢٠٣، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٩٠٠ - ٩٠١، "الكشاف" ١/ ٢٦٣.
(٦) في (ي) و (ش) و (م): (ولكن).
(٧) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩٣ - ٢٩٤ بتصرف، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٩٠٠.