الفعل أثقل، وهو بالحذف أحق. وأنكر أبو علي الفارسي هذا الفصل كلَّه على أبي إسحاق، وأجاز حذف اللام من المصدر، وقال: الذي منعه جائز غير ممتنع في جميع باب المفعول له، تقول (١): جئتك طمعًا في الخير، وزرتك كرامة فلان، أي: لكرامته (٢)، قال: وأنشد أبو عثمان (٣) لرؤبة:

بلاَلٌ أنْدَى (٤) العَالَمينَ شَخْصًا عندي وما بي أن أُسِيءَ الحِرْصا (٥)
فحمل الحرص على المفعول له، قال: وإنما جاز الحذف مع (أن) لطول الكلام بالصلة، وإذا طال الكلام حَسُنَ من الحذف معه ما لا يحسن إذا لم يطل، وذلك كثير، نحو قوله: ﴿مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا﴾ [الأنعام: ١٤٨]، ترك التأكيد الذي يقبح تركه في السعة لطول الكلام بلا، ولو لم يطل به للزم التأكيد كما لزم ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ﴾ [الأعراف: ٢٧] ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ﴾ [المائدة: ٢٤] ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ﴾ [البقرة: ٣٥]، ومن ثم استجازوا: حضر القاضي اليوم امرأةٌ، حذفوا التاء من الكلام لما طال الكلام بالفصل بين الفعل والفاعل من المفعول.
قال: وأما قوله: والنصب في (أن) في هذا الموضع الاختيار عند
(١) في (أ) (يقول).
(٢) في "الإغفال" ص ٥١١: تقول: جئتك طمعا في الخير، وللطمع في الخير، وزرتك كرامة فلان ولكرامة فلان، فتثبت اللام وتحذف، والمعنى في الحذف مثل المعنى في الإثبات.
(٣) هو بكر بن بقية، تقدمت ترجمته ٣/ ١٦٢، [البقرة: ٩٣].
(٤) في (ش): (أبدى).
(٥) هذان البيتان ليسا في "ديوان رؤبة" قال محقق "الإغفال": ولم أوفق في العثور عليهما. "الإغفال" ص ٥١٢.


الصفحة التالية
Icon