عليه. وهذان القولان على مذهب الفعل المبنى للمفعول نهيًا (١).
ويحتمل أن يكون الفعل لهما، ولكون تضارّ على مذهب ما قد سُمي فاعله، وكان في الأصل: لا تضارر، فأدغمت (٢).
والمعنى: (لا تُضارَّ والدة) فتأبى أن ترضع ولدها لتشق على أبيه، (ولا مولود له) أي: ولا يضارَّ الأب أمّ الصبي فيمنعها من إرضاعه وينزعه منها، والضرار يرجع إلى الوالدين، يضار كل واحد منهما صاحبه بسبب الولد (٣)، ويجوز أن يكون الضرار راجعًا إلى الصبي، أي: لا يضار كل واحد منهما الصبي (٤)، فلا ترضعه الأم حتى يموت، ولا ينفق الأب أو ينزعه من أمه حتى يضر بالصبي، وتكون الباء زائدة على تقدير: لا تضار والدة ولدَها، ولا أبٌ ولدَه، وكل هذه الأقاويل مروية عن المفسرين (٥).
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (لا تضارُّ) برفع الراء على الخبر منسوقًا على قوله: (لا تكلف) وأتبع ما قَبْلَه ليكونَ أحسنَ في تشابه اللفظ.
فإن قلت: إن ذلك خبر، وهذا أمر؟ قيل: والأمر يجيء على لفظ الخبر، كقوله: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وقد سبق نظائره (٦).

(١) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١١٤٦ - ١١٤٧.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١١٤٧، "البحر المحيط" ٢/ ٢١٥.
(٣) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١١٤٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١٣، "تفسير القرطبي" ٣/ ١٦٧.
(٤) من قوله: أي لا يضار.. ساقط من (ي).
(٥) من "تفسير الثعلبي" ٢/ ١١٤٨، وأورده أيضًا البغوي في "تفسيره" ١/ ٢٧٨، وينظر "تفسير الطبري" ٢/ ٤٩٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١٣، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٤٣٠ - ٤٣٢.
(٦) نقله من "الحجة" لأبي علي ٢/ ٣٣٣ بمعناه.


الصفحة التالية
Icon