كما خَطّ عِبْرَانِيَّةً بيَمِينِه بتَيْمَاءَ حَبْرٌ ثم عَرَّضَ أسْطُرا (١)
قالوا في تفسير عَرَّضَ، أي: لم يبيّن، بل حرفها (٢)، ذهب (٣) مرة كذا ولم يقوِّمْها، وذلك أشبه بالرسوم.
قال ابن الأنباري حاكيًا عن بعضهم معنى التعريض في اللغة: اتصال الشيء من الكلام إلى المخاطب (٤)، فإذا قيل: عرَّضَ به، معناه (٥): أوصل إليه كلامًا فهم معناه ودَلَّ بالذي أسمعه عليه، من قول العرب: قد عرضت الرجل. إذا أهديت إليه أوصلت إليه التحفة (٦).
ومن ذلك حديثُ عائشة: أن رسول الله - ﷺ - وأبا بكرٍ لقيا الزُّبير في رَكْبٍ قد أقبلوا من الشام يريدون مكة، فَعَرَّضُوا رسول الله - ﷺ - وأبا بكر ثيابًا بيضًا، أي (٧): أهدوها إليهما (٨).
والتعريض أخفى من الكناية؛ لأن الكناية عدول عن الذكر الأخصِّ إلى ذكر يدل عليه، والتعريض دلالة على شيء ليس له فيه ذكر، كقولك: ما أقبح
(١) البيت للشماخ في "ديوانه" ص ١٢٩، و"شرح القصائد السبع" لابن الأنباري ص ٥٢٨، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١١٦١. "لسان العرب" ٢/ ٧٤٩ [مادة: حبر]. وتيماء: بلدة معروفة في الساحل على الطريق بين المدينة وتبوك. ينظر "معجم البلدان" ٢/ ٦٧، والمعجم الجغرافي للبلاد السعودية "شمال المملكة" ١/ ٢٧١.
(٢) نص الأزهري "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٠٠: إذا لم يبين الحروف، ولم يقوّم الخطأ.
(٣) في (ي): (وذهب).
(٤) في (ي): (المخاطبين).
(٥) في (ي): (معنى).
(٦) ابن الأنباري
(٧) ساقطة من (ي).
(٨) الحديث ذكره في "النهاية" ص ٦٠٦، وعنه ابن منظور في "اللسان" ٥/ ٢٨٩١.


الصفحة التالية
Icon