روي أن جُبير بن مطعم تزوج امرأة ثم طلقها قبل البناء فأكمل لها الصداق، وقال: أنا أحقُّ بالعفو، وتأوَّل قوله: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ (١) ولأنَ المهرَ حقُّ المرأة فليس لغيرها إسقاطه، كما أنه ليس للولي أن يهب من مالها شيئًا، كذلك المهر مال لها (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ هذا خطاب للرجال والنساء جميعًا، إلا أن الغلبة (٣) للذكور إذا اجتمعوا مع الإناث، فلذلك غلب التذكير لسبق الأسماء المذكرة (٤) وزيادة التأنيث على ما بينَّا، تقول: قائم، ثم تريد (٥) التأنيث فتقول: قائمة، والمزيد (٦) عليه هو الأصل المغلب (٧). وموضع (أنْ) رفع بالابتداء، تقديره: والعفوُ أقربُ للتقوى (٨)، واللام بمعنى إلى (٩). والمعنى: وعفوُ بعضِكم عن بعضٍ أقربُ (١٠) إلى اتِّقاءِ

(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٦/ ٢٨٤، وابن أبي شيبة في "المصنف" ٤/ ٢٨٠، والطبري في "تفسيره" ٢/ ٥٤٦.
(٢) ينظر في الاستدلال لهذا القول: "تفسير الطبري" ٢/ ٥٤٩، "أحكام القرآن" للجصاص ١/ ٤٤٠، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٢٠٣ - ١٢٠٧، "تفسير البغوي" ١/ ٢٨٧.
(٣) في (أ) (الغلبة).
(٤) في (ي) و (ش) (المذكورة).
(٥) في (ش) (يريد).
(٦) في (ي) و (ش) (فالمزيد).
(٧) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٣١٩ - ٣٢٠، والثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٢١٢، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٢٨٧.
(٨) "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٢٠، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٢١١، "التبيان" ص١٤٣، "تفسير القرطبي" ٣/ ٢٠٨، "المسير الكبير" ٦/ ١٤٤.
(٩) قال السمين في "الدر المصون" ٢/ ٤٩٦: وهذا مذهب الكوفيين، أعني: التجوز في الحروف، ومعنى اللام وإلى في هذا الموضع يتقارب. وينظر "التبيان" ص ١٤٣.
(١٠) في (ي) (أقرب للتقوى).


الصفحة التالية