الشاعر في المِنَّةِ المَذْمومة:

أَنَلْتَ قليلًا ثم أسْرعَت مِنَّةً فَنَيْلُكَ مَمْنُون (١) لِذَاك قليلُ (٢)
فالمراد بالمن الذي في الآية: المنُّ الذي هو الاعتداد بالصنيعة (٣)، وذكرها الذي يكدرها.
والعَرَبُ تتمدّح بترك المنِّ بالنعمة، قال قائلهم:
زَادَ مَعْروفَكَ عِنْدِي عِظَمًا أنَّهُ عِنْدَكَ مَسْتُورٌ حقيرْ
تَتَنَاسَاهُ كأنْ لم تَأتِهِ وهو في العالم مَشْهورٌ كبيرْ (٤).
قال المفسرون: معنى المنّ المذكور في الآية: هو أن يقول: قد أحسنت إلى فلان، ونَعَشْتُه (٥)، وجبرت حاله، وأعنته، يمنُّ بما فعل (٦).
والأذى: هو أن يذكر إحسانه لمن لا يحب الذي أحسن إليه وقوفه عليه، وما أشبه ذلك من القول الذي يؤذيه (٧).
= المنة، وقوله: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ﴾ [الحجرات: ١٧] فالمنة منهم بالقول، ومنة الله عليهم بالفعل وهو هدايته إياهم كما ذكر.
(١) في (ش): (مذموم).
(٢) البيت أورده ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٣١٧ دون نسبة إلى قائل وقال: ذكر ذلك أبو بكر بن الأنباري.
(٣) في (ي): (في الصنعة).
(٤) البيتان من قول الخُرَيمي، نسبهما إليه في "عيون الأخبار" ٣/ ١٦٠، و"دلائل الإعجاز" ١/ ٣٦٠ وروايتهم، وعند الناس بدل في العالم.
(٥) في (م): (تعيشته).
(٦) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٦٤ - ١٥٦٦.
(٧) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٦٤.


الصفحة التالية
Icon