قال الزجاج: وموضع أن نصب، على تقدير: ليس عليكم جناح في أن تبتغوا، فلما سقطت (في) عمل فيها معنى جُناح. المعنى: لستم تأثمون أن تبتغوا، أي: في أن تبتغوا (١).
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ﴾ معنى الإفاضة، في اللغة: الدَّفْعُ للشَّيءِ حين يَتَفَرَّق. يقال: أفاضت العينُ دَمْعَها، وأفاض بالقداح، وعلى القداح: إذا ضرب بها منبثةً متفرقة، ومنه:

وكأنَّهُن رِبَابَةٌ وكأنَّه يَسَر يُفِيْضُ على القِدَاحِ وَيصدَعُ (٢)
وأفاض البعير بجرته: إذا رمى بها متفرقة.
= في الحج، باب: التجارة أيام الموسم، والبيع في أسواق الجاهلية ٢/ ٢٣٩ برقم ١٧٧٠، وأبو داود في المناسك، باب: الكرى ٢/ ١٤٦ برقم ١٧٣٤، والطبراني في "الكبير" ١١/ ١١٣، والطبري ٢/ ٢٨٥ وغيرهم، وثبت عن ابن عمر نحوه، رواه الأمام أحمد ٢/ ١٥٥ برقم ٦٤٣٥ ط. شاكر. وصححه أحمد شاكر، وأبو داود، الموضع السابق حديث ١٧٣٣، والحاكم ١/ ٤٤٩ وصححه، والطبري ٢/ ٢٨٢ - ٢٨٤، وفيه قال أبو أمامة التيمي: قلت لابن عمر: إنا قوم نكري فيزعمون أنه ليس لنا حج، فقال: ألستم تحرمون كما يحرمون، وتطوفون كما يطوفون، وترمون كما يرمون، قلت: بلى، قال: أنت حاج، جاء رجل إلى النبي - ﷺ - فسأله عن الذي سألتني عنه فلم يدر ما يقول له حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٧١.
(٢) والبيت لأبي ذؤيب الهذلي خويلد بن خالد يصف الحمُرُ، ضمن قصيدة من "المفضليات" ص ١٢٦، "ديوان الهذليين" ١/ ٦ والبيت في "اللسان" مادة: ريب، وصدع. والرِّبابة: بكسر الراء: الرقعة تجمع فيها قداح الميسر، واليَسَر. صاحب الميسر، شبه الأُتُن بالقداح لتجمعهن وتراكمهن، وشبه الحمار الوحشي بالضارب الذي يفرق القداح ويجمعها. وينظر: "شرح أشعار الهذليين" للسكري ١/ ١٨.


الصفحة التالية
Icon