حصل من الذنب (١).
والرفع (٢) في (يكفر) من وجهين:
أحدهما: أن يجعله خبرَ مبتدأ محذوف، تقديره: ونحن نكفر.
والآخر: أن تستأنف الكلام وتقطعه مما قبله، ولا تجعل العاطف للإشراك، ولكن لعطف جملةٍ على جملةٍ، ومن هذا القبيل قوله: ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ﴾ [المرسلات: ١٦ - ١٧] هو عطف جملة مستأنفة على معنى: نحن نفعل ذلك.
ومن قرأ: (ونكفر) بالنون والجزم، فوجهه: أن يُحْمَلَ الكلام على موضع قوله: ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وموضِعُه جَزْمٌ، ألا ترى أنه لو قال: وإن تخفوها تكن أعظم لأجركم، لجزم، فقد علمتَ أن قولَه: ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ في موضع جزم، ومثله في الحمل على الموضع: قراءة من قرأ: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٨٦]، بالجزم، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.
ومن الحمل على المعنى قول أبي دؤادٍ:

فَأَبْلُونِي بَلِيَّتَكُم لَعَلِّي أُصَالِحْكُم وأَسْتَدْرِجْ نَوِيَّا (٣)
(١) ينظر في (مادة: كفر): "تهذيب اللغة" ٣١٦٠ - ٣١٦٤، "المفردات" ص ٤٣٥ - ٤٣٨، "اللسان" ٧/ ٣٨٩٧ - ٣٩٠٢.
(٢) قرأ نافع وحمزة والكسائي (ونكفر) بالنون وجزم الراء، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وشعبة (ونكفر) بالنون ورفع الراء، وقرأ ابن عامر وحفص (ويكفر) بالياء والرفع. ينظر: "السبعة" ص ١٩١، "الحجة" ٢/ ٣٩٩ - ٤٠٠.
(٣) البيت من الوافر، وهو لأبي دؤاد الإيادي في "ديوانه" ص ٣٥٠، "الحجة" ٢/ ٤٠١، "الخصائص" ٢/ ٣٤١، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٠١، "شرح شواهد المغني" ٢/ ٨٣٩، "مغني اللبيب" ٢/ ٤٢٣ بلا نسبة. ينظر: "المعجم المفصل" ٨/ ٣٦٥.


الصفحة التالية
Icon