وخواطرهم وذهاب فكرتهم في كل وجه، ومثله قوله: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾ [الحشر: ٢]، أي: أتاهم بخذلانه إياهم (١).

(١) ينظر في ذكر هذه الأقوال: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٢٩، "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٠، والقول الصحيح مذهب السلف الصالح من إثبات الصفات لله تعالى على الوجه اللائق به، من غير تحريف ولا تكييف، ولا تمثيل ولا تعطيل، مع الإقرار بمعناها، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢١ - ٢٢]، وكقوله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨]، وقد ساق الطبري في ٢/ ٣٢٧ - ٣٣١، وابن أبي حاتم ٢/ ٣٧٢ - ٣٧٣، والثعلبي ٢/ ٦٨٣ - ٦٨٧، أخبارا وآثارا كثيرة تدل على مجيء الله تعالى يوم القيامة لفصل القضاء مجيئا حقيقيا، قال ابن سريج كما نقل الذهبي في "الأربعين في صفات رب العالمين" ص ٩٥: وقد صح عند جميع أهل السنة إلى زماننا أن جميع الأخبار الصادقة عن رسول الله - ﷺ - يجب على المسلم الإيمان بكل واحد منها، كما ورد مثل قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾، اعتقادنا فيه وفي الآي المتشابهة أن نقبلها، فلا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ونسلم الخبر لظاهره، والآية لظاهر تنزيلها. وينظر: "مختصر العلو" للذهبي ٢٢٦ ص، وقال الصابوني في "عقيدة السلف أصحاب الحديث" ص ١٩١: ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب سبحانه كل ليلة إلى السماء الدنيا، من غير تشبيه له بنزول المخلوقين ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبتون له ما أثبته رسول الله - ﷺ - وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله عز وجل، وكذلك يثبتون ما أنزله -عز اسمه- في كتابه من ذكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله عز وجل: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ﴾، وقوله عز اسمه: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾. وينظر: "الحجة في بيان المحجة" ٢/ ١٢٣، و"تفسير أبي المظفر السمعاني" ٢/ ٦٠، و"تفسير البغوي" ١/ ٢٤١، و"الفتاوى" لابن تيمية ١٦/ ٤٠٩، و"اجتماع الجيوش الإسلامية" ص ١٩٩، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٢٦٦.


الصفحة التالية
Icon