وصفته، وبيان ما جاء في شأنه.
يعني: أنهم ما اختلفوا إلَّا بعد صحة علمهم بنبوَّتِه، وإذا كان الاختلاف بعد العِلْم، كان ذلك أبلغ في الكفر والعناد، ودليل هذا التأويل قوله في سورة البقرة: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ [البقرة: ٢١٣].
وقوله تعالى: ﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ معنى البغي: طَلَبٌ للاستعلاء (١) بالظلم. أخبر الله تعالى عن عِلَّةِ اختلافهم، فقال: فعلوا ذلك طلبًا للرئاسة، وحسدًا له على النُبُوَّةِ. فانتصب (٢) ﴿بَغْيًا﴾ في قول الأخفش (٣) على تقدير: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ (٤).
وقال الزجَّاج (٥): والذي هو الأجود؛ أن يكون ﴿بَغْيًا﴾ منصوبًا بما دلَّ عليه: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ﴾. فيكون المعنى: اختلفوا بغيًا بينهم.
قال أبو علي (٦): وجهُ قولِ الأخفش: أنَّ ﴿بَغْيًا﴾ انتصب (٧) على أنه
(٢) في (ج)، (د): (وانتصب).
(٣) في "معاني القرآن" له: ١/ ١٩٩.
(٤) من قوله: (إلا..) إلى (.. اختلفوا بغيًا بينهم): ساقط من: (د).
(٥) في "معاني القرآن" له ١/ ٣٨٧، نقله عنه بنصه.
(٦) في "الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني"، له: ١/ ٥٧٣ - ٥٧٥. تَصَرّف في بعض عباراته، ونقل بعضَها بالمعنى.
(٧) قوله: (وجه قول الأخفش: أن بغيًا انتصب): ساقط من: (ج).