وقوله تعالى: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. أي: موافقًا لِمَا تقدم الخبرُ به في سائر الكتب. وفي ذلك دليل على صحة نبوة محمد - ﷺ -.
وقيل (١): مصدقًا لشرائع الأنبياء المتقدمين فيما أتوا به، خلاف مَن يقول: نؤمن ببعض ونكفر ببعض.
وقوله تعالى: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. مِن مَجَازِ الكلام؛ وذلك أنَّ ما بينَ يَدَيْك، فهو أمَامَك. فقيل لكل ما تقدم على الشيء: (هو بين يديه)؛ كما جاء في الحديث: "إنَّ بينَ يَدَي الساعة سنين خَدّاعَة" (٢)، أي: أمامها، تتقدم عليها.

(١) هو معنى قول: مجاهد، والحسن، وقتادة، والربيع، ومقاتل، والطبري، والثعلبي، والبغوي. انظر: "تفسير مقاتل" ١/ ٢٦٢، "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٦، ١٦٧، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٧، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٤ أ.
(٢) الحديث، أخرجه: البزار (انظر كشف الأستار عن زوائد البزار: رقم الحديث: (٣٣٧٣)، وأحمد في "المسند" ٣/ ٢٢٠. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٢٨٤، من رواية عمرو بن عوف، عن النبي - ﷺ -، ومن رواية ابن إسحاق، عن عبد الله بن دينار، عن أنس، عن النبي - ﷺ -. قال الهيثمي: (وقد صرح ابن إسحاق بالسماع من عبد الله بن دينار، وبقية رجاله ثقات). وأورده المتقي الهندي في "كنز العمال" ١٤/ ٢٢٩ رقم (٣٨٥١١) وعزاه للطبراني في "المعجم الكبير" والحاكم في "الكنى" وابن عساكر، عن عوف بن مالك الأشجعي. وورد الحديث بلفظ آخر من رواية أنس بن مالك: "إن أمام الدجال سنين خدَّاعة.. ". أخرجه أحمد في "المسند" ٣/ ٢٢٠ (انظر: "الفتح الرباني" للبنا: ٢٤/ ٣٥). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٢٨٤: (رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني في "الأوسط" وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وابن لهيعة، وهو لين). وورد من رواية أبي هريرة بلفظ: "إنها ستأتي على الناس سنون خداعة". رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٢٩١. وانظر: "المسند" بشرح شاكر: ١٥/ ٣٧ رقم (٨٧٩٩)، وقال الشيخ أحمد شاكر: (إسناده حسن، ومتنه صحيح).


الصفحة التالية
Icon