السابقة؛ كأنه قال: ويحذِّرُكُم اللهُ نفسَهُ في ذلك اليوم (١).
قال أبو بكر: ولا يجوز أن يكون (اليوم) منصوباً بـ ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ﴾، المذكور في هذه الآية، لأن واو النَّسَقِ (٢) لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
قال: ويجوز أن يكون (اليوم) متَصلًا بـ ﴿قَدِيرٌ﴾ (٣) منصوباً به، والتأويل: (والله على كلِّ شيءٍ قديرٌ في هذا اليوم).
وخصَّ هذا [اليوم] (٤)، وإنْ كان غيرُه من الأيام بمنزلته في قدرة الله تعالى؛ تفضيلاً له؛ لِعِظَمِ شأنِه؛ كقوله: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ (٥).
وقوله تعالى: ﴿مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا﴾. يريد: بيان ما عملت؛ بما يرى من صحائف الحسنات. ويجوز أن يكون المعنى: جزاء ما عملت؛ بما يرى من الثواب.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ﴾. الأظهر: أن تجعل ﴿مَا﴾ ههنا بمنزلة (الذي)، فيكون معطوفاً على ﴿مَا﴾ الأولى، ويكون ﴿عَمِلَتْ﴾ صلةً لها. ويصلح أن تكون بمعنى: الجزاء فتكون مُسْتَأنَفَةً. وكان الأجود؛ إذا

(١) ضعَّف أبو حيان نصب ﴿يَوْمَ﴾ بـ ﴿الْمَصِيرُ﴾، وبـ ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ﴾ في الآية التي قبلها؛ وذلك لأن الفاصل قد طال بين العامل والمعمول، ويضاف إليه في النصب بـ ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ﴾، أن التحذير موجود، واليوم موعود، فلا يلتقيان، فلا يصح عمل الفعل هنا. انظر: "البحر المحيط" ٢/ ٤٢٦، "التبيان" للعكبري: ١/ ٢٥٢.
(٢) أي: واو العطف.
(٣) في (ج): (تقديره). ويعني بـ ﴿قَدِيرٌ﴾ الواردة في قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ آية: ٢٩.
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ج)، (د).
(٥) وقيل إنَّ ﴿يَوْمَ﴾ في آية سورة آل عمران، منصوب بفعل مضمرٍ، هو (اذكر) أو (اتَّقوا)، وقال الزمخشري: إنَّ ناصبه هو فعل ﴿تَوَدُّ﴾ الآتي بعده. وحول هذه الوجوه نقاش، انظره في "تفسير الطبري" ٣/ ٢٣١، "الكشاف" ١/ ٤٢٣، "الفريد في إعراب القرآن المجيد" ١/ ٥٦٠، "البحر المحيط" ٢/ ٤٢٦، "الدر المصون" ١/ ١١٤.


الصفحة التالية
Icon