إليه، وامتنع به، فأعاذه؛ أي: أجارَهُ، ومنعه (١). فمعنى: ﴿أُعِيذُهَا بِكَ﴾ أي: أمنعها، وأجيرها بك.
وذكرنا معنى (العوذ) في قوله: ﴿قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (٢) (٣) [البقرة: ٦٧].
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾. أي: المطرود، المَرْمِيِّ (٤) بالشُّهُبِ. وقال ابن عباس: ﴿الرَّجِيمِ﴾: الملعون (٥). ويجوز أن يكون ﴿الرَّجِيمِ﴾ بمعنى: المسبوب المشتوم (٦). وذكرنا معاني (الرَّجْمِ) في سورة الحِجْر عند قوله: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ [الحجر: ١٧]. ومعنى هذه الإعاذة، وإجابة الله تعالى إيَّاها إلى ما سألت؛ هو: ما رواه أبو هريرة: أنَّ النبي - ﷺ - قال: "ما من مولود، إلاَّ والشيطان يَمَسُّهُ حين يُولَد، فيستَهِلُ صارخاً من مَسِّ الشيطان إيَّاه، إلا مريمَ وابنَها"، ثمَّ يقول أبو هريرة: (اقرأوا

(١) انظر (عوذ) في: "العين " ٢٢٩، "الصحاح" ٢/ ٥٦٦، "مقاييس اللغة" ٤/ ١٨٣، ١٨٤.
(٢) (قال): ساقطة من (د)
(٣) وانظر: "تفسير البسيط" ٣/ ١٠.
(٤) في (ب): (الرمي).
(٥) لم أهتد إلى مصدر هذا القول عن ابن عباس، والذي عثرت عليه، أنه من قول قتادة، كما في "زاد المسير" ١/ ٣٣٧، "الدر المنثور" ٥/ ٦٩ ونسب إخراجه لعبد ابن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٦) من معاني الرَّجْمِ في اللغة: الرمي بالحجارة، والقتل، والسب والشتم، واللعن. وينقل الأزهري عن ابن الأنباري، قوله: (والرجيم في نعت الشيطان: المرجوم بالنجوم، فصُرِف إلى (فَعِيل) من (مفعول). قال: ويكون الرجيم، بمعنى: المشتوم المسبوب، من قوله: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ﴾ [٤٦ سورة مريم]؛ أي: لأسبنَّك. قال: ويكون الرجيم، بمعنى: المطرود. قال: وهو قول أهل التفسير). "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٧٥ (رجم)، وانظر: "القاموس المحيط" ١١١١ (رجم).


الصفحة التالية
Icon