المفسرين إلى أن زكريَّا خاطب بهذا جبريل عليه السلام، فقال: (رَبِّ)؛ أي: يا سيِّدي (١). وذهب جماعة إلى أنه خاطب الله تعالى (٢).
وقوله: ﴿أَنَّى يَكُونُ﴾ إنْ قيل: كيف أنكر زكريَّا الولدَ مع تبشير الملائكة إيَّاه به؟ وما معنى هذه المراجعة؟ ولِمَ عجب (٣) من ذلك بعد إخبار الله تعالى بأنه يكون، إذ يقول عز وجل: ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾؟ فالقول في ذلك: ﴿أَنَّى يَكُونُ لِي﴾ (٤) أن معنى قوله ﴿أَنَّى يَكُونُ﴾ على أيِّ حالٍ يكون ذلك؛ أيَرُدُّني إلى حال الشباب، وامرأتي؟ أم من حال الكِبَرِ؟. فقال ما قال من هذا مستثْبِتاً، ومستعْلِماً، لا متعجباً، ولا منكِراً (٥).
والغُلامُ: الشابُّ من الناس. وأصله من (الغُلْمَةِ). و (الاغتلام)؛ وهو: شِدَّة طَلبِ النِّكاح. ويقال: (غُلامٌ بّيِّن (٦) الغُلُومِيَّةِ، والغُلُومَةِ، والغُلامِيَّةِ) (٧).
(٢) وهو الظاهر من الآية.
(٣) في (ج): (اعجب).
(٤) (لي): ساقطة من (ج)، (د).
(٥) وممن قال بهذا: الحسن، وابن كيسان، وابن الأنباري. انظر: "زاد المسير" ١/ ٣٨٤. وقيل: بأي منزلة أستَوْجِبُ هذا؟ قاله على سبيل التواضع لله، والشكر له، والاستعظام لقدرته تعالى التي لا يعجزها شيء. انظر: "معاني القرآن" للنحاس ١/ ٣٩٥، "النكت والعيون" ١/ ٣٩١، "غرائب القرآن" ٣/ ١٨٤، و"أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة من غرائب آي التنزيل" للرازي ٦١.
(٦) في (د): (من).
(٧) انظر كتاب "خلق الإنسان" ١١، "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٦٩١ (غلم)، "الصحاح" ٥/ ١٧٩٧ (غلم).