لأنه لو كان كذلك، لقال: (ومُصدِّقاً لِمَا بين يَدَيْهِ) (١)، ولا يحسن أيضاً أن يتابع قوله: ﴿وَرَسُولًا﴾ (٢)؛ لأنه لو كان مردودًا عليه؛ لقال: (ومُصَدِّقاً لما بين يديكِ)، لأنه خاطب بذلك مريمَ، أو قال: (بين يديهِ) (٣).
ومعنى ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ﴾: أي: للكتاب (٤) الذي أُنزِلَ قَبْلِي (٥). وإذا كان يُصَدِّقُ التوراةَ، كان أحرى أن يُتَّبع.
وقوله تعالى: ﴿وَلِأحِلَّ لَكُمْ﴾ قال الفرَّاء (٦): الواوُ ههنا زائدةٌ مُقْحَمةٌ، كهي في قوله: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ [مِنَ الْمُوقِنِينَ]﴾ (٧)، المعنى: يُرِيهِ (٨) لِيَكونَ (٩).

(١) (أي): إنه لو كان معطوفًا على ﴿وَجِيهًا﴾ لجاء بضمير الغيبة، لا بضمير المتكلِّم.
(٢) (أي): يمتنع أن يتبع ﴿وَرَسُولًا﴾ في الإعراب.
(٣) قال أبو حيان في "البحر" ١/ ٤٦٨: (وقد ذكرنا أنه يجوز في قوله ﴿وَرَسُولًا﴾، أن يكون منصوبًا بإضمار فعل؛ أي: (وأرسلت رسولا)، فعلى هذا التقدير، يكون ﴿وَمُصَدِّقًا﴾ معطوفًا على ﴿وَرَسُولًا﴾).
(٤) في (ج): الكتاب.
(٥) في (ب): قيل. في (ج): قيل. (د) من قبلي.
(٦) في "معاني القرآن" له: ١/ ٢١٦. نقله عنه بالمعنى.
(٧) سورة الأنعام: ٧٥. وما بين المعقوفين زيادة من: (ب)، وكذا وردت في "معاني القرآن". وانظر مذهب الفراء في زيادة الواو، في "معاني القرآن" ١/ ١٠٧، ٢٣٨، ٢/ ٥٠، ٢١١، ٣٩٠، ٣/ ٢٤٩.
(٨) في (ج): نريد. ب، (د) نريه.
(٩) قيل في قوله تعالى: ﴿وَلِيَكُونَ﴾ ثلاثة أقوال: الأول: إن الواو زائدة. الثاني: إنها عِلَّةٌ لمحذوف؛ أي: ولِيكون.. أريناه ذلك. الثالث: إنها عطف على عِلَّةٍ محذوفة؛ أي: ليستدل وليكون، أو ليقيم الحجة على قومه. وقال صلاح الدين العلائي: (تقديره: لِنبصِّره أو لِنُرْشده. ونحو ذلك. ثم عطف عليه ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾. الفصول المفيدة في الواو المزيدة، للعلائي: ١٤٧. وانظر: "التبيان" للعكبري ١/ ٣٤٢، "الفريد" للهمداني ٢/ ١٧٧، "الدر المصون" ٥/ ٧.


الصفحة التالية
Icon