فإن قيل: ما وجه التنبيه (١) بـ ﴿هَا أَنْتُمْ﴾ مع أنه لا يُنبَّهُ الإنسان على نفسه، وإنما يُنبَّه على ما أغفله؟. قيل: إنَّ التنبيه (٢) وإن كان على ما أغفله من حاله فإنه يُنبَّه بذكر ما يعلم على ما لا يعلم، فلذلك خرج التنبيه على النفس؛ والمعنى: على حال النفس.
وقوله تعالى: ﴿هَؤُلَاءِ﴾. في موضع النداء؛ يعني: يا هؤلاء (٣). وقد ذكرنا زيادة بيان عند قوله ﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩].
وقوله تعالى: ﴿حَاجَجْتُمْ﴾. أي: جادلتم، وخاصمتم (٤). ويُسَمَّى الجدال بِحُجَّةٍ أو شبهة: حِجاجًا؛ لأن صاحب الشبهة (٥) يُوهِم أن معه حُجَّة.
وقوله تعالى: ﴿فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾. قال السدِّي (٦): هو ما وجدوه في كتبهم، وأنزل عليهم [بيانه] (٧) وقصته (٨).

(١) في (د): (التثنية).
(٢) في (ج): (قيل خرج التنبيه).
(٣) لا يجوز عند البصريين حذف حرف النداء من أسماء الإشارة، وأجازه الكوفيون. انظر: "كتاب سيبويه" ٢/ ٢٢٩، "المقتضب" ١/ ٢٥٨، "شرح المفصل" ٢/ ١٥، "التبيان" (١٩٥)، في الآية وجوه أخرى من الإعراب، استوعبها السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٢٤٠ - ٢٤٢، وانظر نفس المرجع: ١/ ٤٧٤ - ٤٧٨.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١/ ٢٨٣، "تفسير الطبري" ٣/ ٣٠٦.
(٥) في (ب): (المشبهة).
(٦) قوله في "تفسير الطبري" ٦/ ٣٠٣ "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٦٧٢.
(٧) ما بين المعقوفين غير مقروء في: (أ)، وفي (ب): (خبره). والمثبت من: (ج)، (د).
(٨) ونص قول السدي، كما في "تفسير الطبري" (أما الذي لهم به علم: فما حُرِّم عليهم، وما أمروا به، وأما الذي ليس لهم به علم: فشأن إبراهيم). ولعل المؤلف ساقه هنا بمعناه؛ أي: ما وجدوه محرما، وما أمروا له في كتبهم... الخ.


الصفحة التالية
Icon