أقاصيص الأنبياء، مِمّا اعترف به أهلُ الكِتَاب، وما أخبر اللهُ جلّ وعزَّ به مِنْ إنشاءِ الخَلْقِ، في قوله: ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً﴾ [المؤمنون: ١٤] الآية. ومِنْ خَلْقِهِ مِنَ الماءِ (كلَّ) (١) شيءٍ (حَيٍّ) (٢)، وما خلق مِنَ الثمار، وهذا (ما) (٣) لَمْ يُنْكِروا، (وأنكروا) (٤) ما احتاجوا فيه إلى النَّظَرِ مِنْ أنَّ اللهَ يبعثهم بعد أنْ يَصِيروا تُرابًا، (ولُوْ نَظَرُوا وتَدَبَّروا) (٥) لَصَارَ المُتَشابِهُ عندهم كالظاهر؛ لأنَّ مَنْ قَدَرَ على الإنشاء أوّلًا، قَدَرَ على الإعادَةِ.
وقد نَبَّهَ اللهُ تعالى بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا﴾ [يونس: ٧٩].
وقال محمد بن جعفر بن الزبير (٦): المُحْكَم: ما لا يَحْتَمِل مِنَ التأويل غير وَجْهٍ واحدٍ. والمُتَشابه: ما احتمل من التأويل أوجُهًا (٧). وهذا

(١) في (ج): (كل كل).
(٢) (حي): ساقطة من: (د).
(٣) في (ب): (مما).
(٤) في (ج): (ولو أنكروا).
(٥) (ولو نظروا وتدبروا): ساقطة من: (ج).
(٦) هو: محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام الأسدي المدني. من أتباع التابعين، كان من فقهاء أهل المدينة، ثقة، مات ما بين (١١٠ هـ و ١٢ هـ). انظر: "الجرح والتعديل" ٧/ ٢٢١، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٣٠، "تقريب التهذيب" ص ٤٧١ (٥٧٨٢).
(٧) هذا معنى كلام محمد بن جعفر، ذكره: الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٣، ولفظه عنده من رواية محمد بن إسحاق: (قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾: فيهن حُجَّةُ الرَّبِّ، وعصمةُ العباد، ودفعُ الخصوم والباطل؛ ليس لها تصريف ولا تحريف عما وُضِعت عليه. ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾: في الصدق؛ لَهُنَّ تصريفٌ وتحريف وتأويل، ابتلى اللهُ فيهن العبادَ، كما ابتلاهم في الحلال والحرام؛ لا يُصرَفْنَ إلى الباطل، ولا يُحرفن عن الحق).=


الصفحة التالية
Icon