﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ (١).
وقد مضى مثل هذا في قوله: ﴿لَا نُفَرقُ بَينَ أَحَدٍ﴾ (٢).
وقرأ ابن كثير: ﴿أَنْ يُؤْتَى﴾ (٣) بالمدِّ (٤). وعلى هذه القراءة يحتاج أن يستأنف الآية في بيان المعنى والنظم. فقوله: ﴿وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ﴾؛ معناه على هذه القراءة: ما ذكره الزجَّاجُ، قال (٥):
قالت اليهود بعضهم لبعض: لا تجعلوا تصديقكم للنبي - ﷺ - في شيء مما جاء به، إلا لليهود؛ أي: لا تخبروا أحدًا بصدق ما أتى به، إلا أن يكونَ منكم؛ فإنكم (٦) إن قلتم ذلك للمشركين كان (٧) عونًا لهم على تصديقه، ويكون معنى (الإيمان): الإقرار، كما ذكرنا، وأحد مفعوليه محذوف، والتقدير: لا تقروا إلا لليهود (٨) بصدق محمد.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ﴾ هو من كلام الله، معترض من كلام اليهود على ما ذكرنا.
وقوله تعالى: ﴿أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ﴾ ﴿أَنْ﴾ (٩) في موضع رفع

(١) سورة الحاقة: ٤٧. والشاهد هنا: أن حاجزين جمع، وهو وصف لـ (أحد) الذي يدل على جماعة. انظر: "الكشاف" ٤/ ٥٥.
(٢) مقطع من آية ١٣٦ ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾، وآية ٢٨٥ ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾. سورة البقرة.
(٣) في (ج): (أن يؤتى).
(٤) أي على الاستفهام. انظر: "السبعة" ٢٠٧، "الحجة" ٣/ ٥٢، "التيسير" ٨٩.
(٥) في "معاني القرآن" له: ١/ ٤٣٠. نقله عنه بتصرف.
(٦) في (ج): (وإنكم).
(٧) في (ج): (كانوا).
(٨) في (ج): (اليهود).
(٩) من قوله: (أن في موضع..) إلى (.. إن أحدًا ووحدا وواحدا بمعنى): نقله عن=


الصفحة التالية
Icon