بكونكم عالمين؛ [أو: معلِّمين] (١).
وعلى هذا التقدير أيضًا قوله تعالى (٢): ﴿وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾. ومثل هذا مِنْ كَوْن (٣) (ما) مع الفعل بمنزلة (٤) المصدر؛ قوله [تعالى] (٥): ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [الأعراف: ٥١]؛ أي: كنسيانهم لقاء يومهم، وككونهم (٦) بآياتنا جاحدين.
فأما قوله: ﴿تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ﴾، من قرأه (٧) بالتخفيف؛ فهو من (العِلم) الذي يراد (٨) به: المعرفة، فيتعدى إلى مفعول واحد؛ كقوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ﴾ [البقرة: ٦٥]، وقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾ [البقرة: ٢٢٠]، وحجته: ما رُوي عن عمرو (٩) أنه

(١) ما بين المعقوفين: غير مقروء في (أ)، وساقط من (ب). ومثبت من (ج). إلّا أنه ورد في (ج): (أي: معلمين)، بدلًا من: (أو معلمين)، ولم أرَ لها وجهًا. والصواب ما أثبته؛ لأن المؤلف هنا يذكر التقدير في القراءتين باعتبار أنَّ (ما) مصدرية فيهما. ففي القراءة الأولى ﴿تَعلمون﴾، يكون التقدير: (بكونكم عالمين)، أو يكون التقدير: (بكونكم مُعَلِّمين) على اعتبار القراءة الثانية ﴿تُعَلِّمُونَ﴾.
ويعزز هذا ما ورد في "التفسير الوسيط" للمؤلف؛ حيث أورد في هذا الموضع القراءتين، فقال عن قراءة: ﴿تُعَلِّمُونَ﴾ (أي: بكونكم عالمين). وقال عن قراءة ﴿تُعَلِّمُونَ﴾ بالتشديد: (بكونكم معلمين). "الوسيط" تحقيق بالطيور: ٢٥٥.
(٢) لفظة (تعالى): ساقطة من: (ج).
(٣) في (ب): (ممن تكون فيه).
(٤) في (ب): (بمعنى).
(٥) ما بين المعقوفين زيادة من: ب.
(٦) في (ج): (ولكونهم).
(٧) في (ج): (قرأ).
(٨) في (ج): (يريد).
(٩) هو أبو عمرو بن العلاء، ممن قرأ ﴿تَعْلَمون﴾.


الصفحة التالية
Icon