المُضْمَر. فقوله: ﴿لِمَا مَعَكُمْ﴾، هو في المعنى: ما أُوتوهُ (١) مِنَ الكتاب والحكمة؛ فكأنه (٢) قال: ثم جاءكم رسولٌ مُصدِّقٌ له؛ أي (٣): لِمَا آتيتكم مِنْ كتابٍ وحِكْمَةٍ، وهو ما معكم.
والصلة المُظهَرَة تقوم مقام المُضمَرَة (٤)، عند أبي الحسن الأخفش؛ ومثل هذا: قوله: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٩٠]، المعنى: كأنه قال: لا يضيع أجرهم؛ لأن الذي يتقي (٥) ويصبر يكون من المحسنين، وكذلك قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ (٦) [الكهف: ٣٠]، المعنى عنده: إنا لا نضيع أجرهم؛ لأن مَنْ أحسن عملًا، هم: الذين آمنوا وعملوا الصالحات (٧).
ووجه آخر، وهو: أنَّ الراجعَ ههنا محذوفٌ، وحَسُن الحذف للطول، كما حكاه الخليل (٨) من قولهم: (ما أنا بالذي قائل لك شيئًا)، والتقدير: بالذي هو قائل.
كذلك ههنا يكون التقدير: ثم جاءكم رسولٌ به؛ أي: بتصديقه، أي: بتصديق ما أتيتكم.

(١) (أ)، (ب): (أتوه). والمثبت من: (ج)، و"الحجة".
(٢) في (ج): (وكأنه).
(٣) له أي: ساقط من: (ج).
(٤) في (ج): (المضمر).
(٥) في (ب): (يتق).
(٦) من (إنا لا نضيع..) إلى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات): ساقط من: (ج).
(٧) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٣٩٦.
(٨) انظر قوله في "كتاب سيبويه" ٢/ ٤٠٤.


الصفحة التالية
Icon