[العنكبوت: ١٧]، أي: ويُقَدِّرُون (١).
ومن هذا القَبِيل أيضًا، قولُه: ﴿لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه: ٥٢]؛ هذه مُحْكَمَةٌ لا تَحْتَمِل التأويلات. ثم قال: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]؛ فَأَثْبَتَ في المُتَشَابِهِ (٢) ما نفاهُ في المحكمة؛ فكانت المُحْكَمة قاضيةً عليها؛ لأنا وجدنا النسيان في كلام العرب على مَعْنيَيْنِ: أحدهما: (الإغفال)، والآخر: (التَّعَمُّدُ والتَّرْكُ) (٣).
فقلنا في قوله عز وجل: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]: تركوا (٤) العَمَلَ لله، فَتَرَكَ أنْ يُثِيبهم (٥)؛ فكان في المُحْكَمِ بَيانُ المُتَشابِهِ.

(١) في (د): (وتعبدون). وفي "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٩٣: (وتقدرون). وانظر: "تفسير الطبري"٢٠/ ١٣٧، "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٩٣ (خلق)، "تفسير أسماء الله الحسنى" للزجاج: ٣٦، "تفسير القرطبي" ١٣/ ٣٣٥، "لسان العرب" ٢/ ١٢٤٣ (خلق)، "تفسير أبي السعود" ٧/ ٣٤، "الدر المنثور" ٦/ ٤٥٧، "فتح القدير" ٤/ ١٩٧. وقد سبق أن ذكر المؤلف عند تفسير آية: ٢١ من سورة البقرة: أن الخلق المنسوب لغير الله، إنما هو قياس وتشبيه وافتراء ومحاكاة وتقدير، على قدر قدره غيره، فخلق الله ذاتي، وخلق غيره على سبيل الاستعارة والتقدير.
(٢) في (د): (المتشابهة).
(٣) يعني أن النسيان، إما ترك الشيء عن غفلة وسهو وعدم ذكر، أو ترك الشيء مع التعمد. انظر: "الأضداد" لابن الأنباري: ٣٩٩، "الأضداد" لأبي حاتم السجستاني (ضمن ثلاثة كتب في "الأضداد" ١٥٦، "قاموس القرآن" للدامغاني: ٤٥٤، "نزهة الأعين النواظر" ٥٧٩، "الوجوه والنظائر في القرآن" د. سليمان القرعاوي: ٦١٤، "المصباح المنير" ٢٣١ (نسو).
(٤) في (ج): (ترك).
(٥) انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: ١٩٨، "تفسير الطبري" ١٠/ ١٧٥، "الأضداد" لابن الأنباري: ٣٩٩، وتذكرة الأريب "في تفسير الغريب" لابن الجوزي: ١/ ٢٢٠.


الصفحة التالية
Icon