تَوصَّلَ إلى مُرامِهِ، وتمكَّنَ من مطلبه، قالوا: (قد استطاعة، واسْطاعَه) (١)؛ لانقياد ذلك المطلوب له. والعرب تستعمل لفظ الاستطاعة (٢) فيمن يصل إلى مرادهِ مِن غير مباشرة لذلك الفعل؛ كما يقولون: استطاع الأمير فتحَ بلدِ كذا، وإنْ لم يَتَوَلَّ بنفسه، وإنما توصل إليه برجاله وأمواله، فليس كل الاستطاعة بالمباشرة بالأعضاء.
وأما التفسير: فقال ابن عباس في رواية عطاء (٣): يريد بـ (الاستطاعة) القوة. واختلف الناس في الاستطاعة الموجبة للحج: [فالذي عليه الجمهور أن معنى (الاستطاعة) ههنا، هو: القوة. والمستطيع للحج] (٤): هو القوي الذي لا يلحقه مشقة غير محتملة في الكَوْنِ على الراحلة، فهذا إذا ملك الزاد والراحلة، لزمه فرضُ الحج بنفسه. وإن (٥) عدم الزاد والراحلة أو أحدَهما سقط فرضُ الحج عنه، فوجودُهُ (٦) الزادَ والراحلةَ شرطٌ في

(١) في (ج): (وأطاعه). والعرب تحذف التاءَ مِن (استطاع)، فتقول: (اسطاع)، ومن (يستطيع)، فتقول: (يسطيع)؛ لأن التاء والطاء من مخرج واحد، فيحذفون التاء استثقالًا لها مع الطاء. وبعض العرب يقول: (استاع يَسْتيع)؛ أي: (استطاع يستطيع). وبعضهم يقول: (أسْطاع يُسْطِيع) -بهمزة قطع-، يريدون: أطاع يُطيع، فيزيدون السين. انظر: (طوع) في "التهذيب" ٣/ ٢١٥٣، "الصحاح" ٣/ ١٢٥٥.
(٢) في (ج): (الإطاعة).
(٣) لم أقف على مصدر، هذه الرواية، وفي "المحلى" لابن حزم: ٧/ ٥٤: (قد روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس، قال في الحج: (سبيله: من وجد له سعة، ولم يُحَلْ بينه وبينه).
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج).
(٥) في (ب): (وإذا).
(٦) في (ج): (فوجود).


الصفحة التالية
Icon