إليهم، وههنا وجَّهَ الخطابَ إلى غيرهم إهانة لهم لصدهم عن الحق.
فإن قيل: لم جاز أن يقال لليهود والنصارى (أهل الكتاب)، وهم لا يعملون (١) به، ولم يجز (٢) مثلُ ذلك في أهل القرآن؟
قيل: إن القرآن [اسمٌ] (٣) خاصٌ لِما أَنزل الله على محمد - ﷺ -، فأما الكِتاب فيجوز أن يذهب به إلى معنى: يا أهل الكتاب المحرف عن جهته!.
وأيضًا فإنهم نُسبوا إلى الكتاب، احتجاجًا عليهم بالكتاب لإقرارهم به كأنه قيل يا من يُقِرُّ بأنه من أهل الكتاب لم تكفرونَ بآيات الله؟.
وقوله تعالى: ﴿لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ توبيخٌ (٤) لهم، على لفظ الاستفهام، لأنه كسؤال التعجيز عن إقامة البرهان. وقد ذكرنا مثل هذا (٥).
والمراد بـ (الآيات) ههنا: الآياتُ التي أنزلها على نبيه محمد - ﷺ -، والمعجزات التي كانت له، والعلامات التي وافقت في صفته ما تقدمت البشارة به (٦)

(١) في (أ)، (ب): (يعلمون). والمثبت من (ج).
(٢) في (ج): (نجز).
(٣) ما بين المعقوفين في (أ)، (ب): (انتم). والمثبت من (ج).
(٤) في (ب): (توبيخًا).
(٥) انظر: "تفسير البسيط" آية: ٢٨ من سورة البقرة. وانظر تفسير الآية: ٧٥ من سورة آل عمران: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾، والآية: ٨٠ ﴿أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾، والآية: ٨٦ ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾.
(٦) ورد عن ابن عباس، تفسيره لـ (الآيات) بأنها القرآن، ومحمد - ﷺ -. انظر: "زاد المسير" ١/ ٤٢٩. وجعلها ابن عطية محتملة للقرائن وللعلامات الظاهرة على يدي النبي - ﷺ -. انظر: "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٤٠.


الصفحة التالية
Icon