مثل: (سِرْتُ)، و (صرْتُ)، و (طِرتُ): (سَيْرُورَةً)، و (صَيْرُورَةً)، و (طَيْرُورَةً)، و (حِدْتُ حَيْدُودَةً)، و (مِلْتُ مَيْلُولَةً)، لا أحصى ذلك، وهو كثير. فأمّا ذوات الواو؛ مثل: (قلتُ)، و (رُضْتُ)، فإنهم لمْ يقولوا ذلك إلا في أربعة أحْرُف، منها: الكَيْنُونة (١)، والدَّيْمُومَةُ، مِنْ: (دُمْتُ)، والهَيْعُوعَةُ، من: (الهُواع) (٢)، والسيْدُودَةُ، من: (سُدْتُ).
وكان ينبغي أن يكونَ -في القياس-: (كَوْنُونَة) بالواو (٣)، ولكنها لَمَّا قَلَّت في مصادر الواو، وكثرت في مصادر الياء، ألحقوها بالذي هو أكثر مجيئًا منهما؛ إذ كانت الواوُ والياءُ مُتَقارِبَتَينِ في المَخْرَج.
ومثل هذا: أنهم يقولون في ذوات الياء: (سَعَيْتُ به سِعَايةً)، و (رَمَيْتُهُمْ رِمَايَةً)، و (دَرَيْتُ بِهِ (٤) دِرايةً)، فتأتي المصادرُ في ذوات الياء،

(١) مصدر (كان يكون كَوْنًا وكيْنُونة).
(٢) في "القاموس المحيط": (والهواع بالضم، والهيعوعة، والمِهْوع، والمهواع بكسرها: الصياح في الحرب). ص ٧٧٧ (هوع). وجعلها في "لسان العرب" من مصادر ذوات الياء، فقال: (هاعَ، يَهاع، ويَهِيع، وهَيْعًا، وهَاعًا، وهُيُوعًا، وهَيعَة، وهَيَعانًا، وهَيْعُوعة: جَبُن وفَزع. وقيل: استخف عند الجزع). ٨/ ٤٧٢١ (هيع). والهُواع: القيءُ. يقال: (هاع، يهوع هواعًا. وهيعوتة): أي: قاء. انظر: (هوع) في "الصحاح" ٣/ ١٣٠٩، "المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث" لأبي موسى الأصفهاني: ٣/ ٥١٦، "اللسان" ٨/ ٤٧٢١، "المعجم الوسيط" ٢/ ١٠١٠.
(٣) ويرى الخليل بن أحمد أن (كيْنُونة): (فَيْعُولة)، هي في الأصل: (كَيْوَنُونَه)؛ التقت منها ياءٌ وواوٌ، والأولى منهما ساكنة، فَصُيِّرَتا ياءً مشدَّدَةً [أي: كيَّنُونة]، مثلما قالوا: (الهيِّن) من (هُنْت)، ثم خففوها فقالوا: (كيْنُونة)؛ كما قالوا: (هَيْنٌ، لَيْنٌ). قال الفراء: وقد ذهب مذهبًا، إلا أن القول عندي هو الأول). "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٤ (كان).
(٤) في (د): (بهم).


الصفحة التالية
Icon