وقوله تعالى: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ الظاهرُ أنَّ (١) هذا مَدْحٌ لهذه الأمَّة بهذه الخصال، وإخبارٌ عنهم بهذه الجملة، وحُكِي عن مجاهد أنه قال (٢): الخَيْرِيَّةُ في هذه الأمَّةِ على هذه الشَّرِيطَةِ (٣)؛ يعني: كنتم خيرَ أُمَّةٍ، ما أَمَرْتُم بالمعروف، ونَهَيْتُم عن المنكر، وآمنتم بالله، وهذا أيضًا اختيار الزجاج (٤).
والمَعْرُوفُ: كلُّ حَسَنٍ جميل، يُعرَفُ بجلالته، وعُلُوِّ قَدْرهِ (٥). ولا يجوز إطلاق هذه الصفة على القبيح، وإنْ كان يُعرَف، لأنه بمنزلة ما لا يُعْرَف؛ لخُمُولِهِ وسُقُوطِهِ.
١١١ - قوله تعالى: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾ هذا وعْد مِنَ الله تعالى (٦) للمؤمنين، في أهل الكتاب، أنَّهم منصورون عليهم، وأنَّه لا ينالهم منهم غَلَبَةٌ. ومعنى ﴿إِلَّا أَذًى﴾؛ أي: أذًى باللِّسانِ، مثل (٧): الوعيد، والبُهْت (٨).
(٢) قوله في "الطبري" ٤/ ٤٤، "الدر المنثور" ٢/ ١١٣ وزاد نسبة إخراجه لابن المنذر.
(٣) في (ب): (الطريقة).
(٤) في "معاني القرآن" له: ١/ ٤٥٦.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٤٤، "اللسان" ٥/ ٢٨٩٩ - ٢٩٠٠ (عرف)، و"التعريفات" للجرجاني: ٢٢١، و"التوقيف على مهمات التعاريف" ٦٦٦.
(٦) تعالى: ساقطة من: (ب)، (ج).
(٧) في (ج): (ثم).
(٨) البُهْت -بضم الباء-، والبَهِيتة، والبهتان: الكذب والافتراء.
والبَهت -بفتح الباء-: أن يقول المرء في غيره ما لم يفعله. يقال: (بَهَته، يَبهَتُه، بَهْتًا، وبَهَتا، وبُهْتانًا).
والبَهْتُ: الانقطاع والحَيْرة، يقال: (بَهَتَ، وبَهِتَ، وبُهِتَ): إذا تَحيَرّ. وهو أصل=