وقال أبو طالب (١):
يَعَضُّونَ غَيْظًا خلفَنا بالأَنَامِلِ (٢)
قال المفسرون (٣): وإنما ذلك لِما يَرَوْنَ من ائتلاف المؤمنين، واجتماع كلمتهم، وصَلاح ذات بَيْنِهم.
وفي الآية تقديم وتأخير؛ لأن التقدير: وإذا خَلَوْا عَضُّوا الأنامِلَ مِنَ الغَيْظِ عليكم.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ﴾ خرج هذا مخرج الأمر، وليس معناه الأمرَ، لكنَّه دعاء عليهم، أمر اللهُ نَبِيَّهُ - ﷺ - بأن يَدْعُوَ عليهم بهذا (٤).

(١) واسمه: عبد مَناف -بن عبد المُطَّلِب بن هاشم، عَمُّ النبي - ﷺ -، الذي كفله بعد موت جده عبد المطلب، وكان حدِبًا على أمر النبي - ﷺ -، عطوفًا عليه، منع عنه أذى قريش، إلا اْنه لم يُسْلِم، ومات على الشرك، قبل الهجرة بثلاث سنين. انظر: "سيرة ابن هشام" ١/ ١٩٣ - ١٩٤، ٢/ ٢٥ - ٢٦.
(٢) عجز بيت، وصدره:
وقد حالفوا قوما علينا أظنَّةً
وقد ورد منسوبًا له في: "سيرة ابن هشام" ١/ ٢٨٦، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٥ ب، و"البحر المحيط" ٣/ ٤١، و"الدر المصون" ٣/ ٣٧٠.
وأول البيت في: "تفسير الثعلبي"، والبحر: (وقد صالحوا قومًا عليهم أشحة)، ولكن في: "البحر المحيط": (علينا أشحة).
والبيت من قصيدة طويلة يخاطب فيها أشراف قومه لَمّا خافهم على النبي - ﷺ -، بعد أن علا ذِكرُه وظهر أمرُه، ووقفوا منه موقف العداء، وفيها كذلك مدح للنبي - ﷺ -. انظر حول هذه القصيدة: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٢٤٤.
(٣) ممن قال ذلك: قتادة، والربيع، والطبري. والعبارة -هنا- عبارة الطبري. انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٦٦ - ٦٧، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٣/ ٧٤٦.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٦٧.
وقال أبو الليث: (يقول: موتوا بحنقكم على وجه الدعاء والطرد واللعن، لا على وجه الأمر والإيجاب؛ لأنه لو كان على وجه الإيجاب لماتوا من ساعتهم. كما =


الصفحة التالية
Icon