عِبَادَه، ويدل على المعنى الذي أراده. وتأوَّلَ قولَهُ: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾، على أنه حالٌ صُرِفَت إلى المُضَارَعَةِ؛ أي (١): (والراسخون (٢) في العلم، قائلين (٣) آمَنَّا به).
قال: ومثله من (٤) الكلام: (لا يَأتِيك إلا عبدُ الله، وزَيْدٌ يقول: أنا مسرورٌ بزيارتك)، تريد (٥): (لا يأتيك إلا عبدُ الله، وزيدٌ قائلًا: أنا مسرورٌ بزيارتك). فـ (زيد) عطفٌ على (عبد الله) (٦).
واحتج لهذه الطريقة في كتابه (المُشْكل) بما يطول ذِكْرُه (٧).

(١) في (أ)، (ب): (إلى). والمثبت من: (ج)، (ء).
(٢) في (ج): (والراسخين).
(٣) في (د): (قايلون).
(٤) في (ج): (في).
(٥) من قوله: (تريد..) إلى (.. بزيارتك): ساقط من: (ج)، (ء).
(٦) أورد الشوكاني، والشنقيطي إشكالًا على من يمنع كون جملة ﴿يَقُولُونَ﴾ حالًا، وخلاصته: أن الحال قَيْدٌ لِعامِلِها. ووصف لصاحبها، فتقييد عِلْمِهم بتأويله، بحال كونهم قائلين: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، لا وجه له؛ لأن مفهومه: أنهم في حال عدم قولهم ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، لا يعلمون تأويله، وهو باطل؛ حيث إنهم يعلمونه في كل حال. ويرى الشنقيطي أن جملة ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ في حال كونها معطوفة، فإن ﴿يَقُولُونَ﴾ تكون معطوفة كذلك بحرف محذوف. واستدل على ذلك بأقوال المحققين من أهل العربية، واستشهد عليه بآيات من القرآن؛ كقوله تعالى ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ﴾ فإنها معطوفة على قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ بالواو. انظر: "فتح القدير" للشوكاني: ١/ ٤٨٢، "أضواء البيان" للشنقيطي: ١/ ١٣١.
(٧) انظر: "تأويل مشكل القرآن" ٨٦١٠١. إن الخلاف الواقع بين العلماء في تبني أحَدِ المذهبَيْنِ المذكورَيْن للسَّلَفِ؛ في الوقف أو العطف على لفظ الجلالة في هذه الآية، مرجعه وسببه: الاشتراك في لفظ التأويل؛ حيث إنَّ له معانٍ عِدَّة. ولكنَّه إذا أطْلِقَ عند السَّلَفِ، إنَّما يُرادُ به أمران: =


الصفحة التالية
Icon