إذا وعد السرّاءَ أَنجز (١) وعدَه وإنْ وَعَدَ الضرّاءَ فالعَفْوُ مانَعُهْ (٢)
قال الأصمعي: جمعنا بين أبي عمرو بن العلاء، وبين محمد بن مسعود الفدكي (٣)، فقال أبو عمرو: ما تقول؟ قال: أقول: إن الله وعد وعدًا، وأوعد إيعادًا (٤)، فهو منجز إيعاده، كما هو منجز وعده. فقال أبو عمرو: إنك رجل أعجم، لا (٥) أقول: أعجم اللسان، ولكن أعجم القلب. إن العرب تعُدُّ الرجوع عن الوعد لُؤمًا، وعن الإيعاد كرمًا، وأنشد:
وإنِّي وإنْ أوْعَدْتُهُ أو وَعَدْتُهُ لَيَكذِبُ إيعادي ويصدقُ موعدي (٦)
(١) (أنجز): غير مقروءة في: (أ).
(٢) البيت، لأبي الحسن، السري بن أحمد بن السري الكندي الرفّاء الموصلي. وهو في: "ديوانه" ٢/ ٣٦٨. وورد منسوبًا له، في "يتيمة الدهر" ٢/ ١٥٦. وروايته في "الديوان" "واليتيمة": (.. وإن أوْعَدَ الضراء..).
(٣) ولكن في "الوسيط في التفسير" للمؤلف: ٦٧٠ (رسالة ماجستير. تحقيق بالطيور): ورد عمرو بن عبيد المعتزلي بدلًا من محمد بن مسعود الفدكي، وكذا بقية المصادر التي أوردت الحكاية والتي سأذكرها فيما بعد، أجمعت كلُّها على أن المُحاوِر لأبي عمرو بن العلاء، هو عمروُ بنُ عبيد المعتزلي، حتى إن الرازي في "تفسيره" ٧/ ١٨٧ نقل الحكاية عن "تفسير البسيط" للواحدي، وذكر اسم عمرو بن عبيد، وليس محمد بن مسعود، والذي يبدو لي والله أعلم أنَّ اسم عمرو بن عبيد المعتزلي قد حوِّر إلى محمد بن مسعود الفدكي، وقد يرجع السبب إلى أن جميع النسخ التي بين يدي، قد تكون نقلت عن نسخة رئيسة واحدة لم يستبن فيها الاسم لسبب ما، فكان الخط أقرب إلى أن يقرأ هذه القراءة، أو لاجتهاد من الناسخ الأول في كتابة الاسم السابق. وعمرو بن عبيد، هو شيخ المعتزلة في عصره، ولد سنة (٨٠ هـ)، وتوفي سنة (١٤٤ هـ)، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في "تاريخ بغداد" ١٢/ ١٦٦، "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٦٠.
(٤) (إيعادا): مطموسة في: (ج).
(٥): (لا) مطموسة في: (ج).
(٦) البيت لعامر بن الطفيل، وهو في "ديوانه" ٥٨. وقد ورد منسوبًا له، في "العقد الفريد" لابن عبد ربه: ١/ ٢٨٤، وأورده بنفس رواية المؤلف: "يتيمة الدهر" للثعالبي: ٢/ ١٥٧، "لسان العرب" ٢/ ١٠٩٨ (ختأ)، ٨/ ٤٨٧١ (وعد)، ٢/ ١١٠٣ (ختا)، "تاج العروس" ١/ ١٤٣ (ختأ)، ١٩/ ٣٦٩ (ختا). كما ورد غير معزوٍ، في "عيون الأخبار" لابن قتيبة: ٢/ ١٤٢، "ضرورة الشعر" للسيرافي، تحقيق د. رمضان عبد التواب: ١٣٨، "مجالس العلماء" للزجّاجي: ٦٢، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩١٥ (وعد)، "الصحاح" ٢/ ٥٥١ (وعد) "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي: ٣٩، "العمدة" لابن رشيق: ١/ ٥٨٩، "الحماسة البصرية" لصدر الدين البصري: ٢/ ٣٠. وروايته في "الديوان":
وإنِّيَ إن أوعدتُه أو وعدتُه لأخلِفُ إيعادي وأنجز موعدي
وبرواية أخرى:
لمخلِفُ إيعادي ومنجز موعدي
كما ورد في "اللسان" ١/ ٦٣ كالتالي:
لَيأمَنُ ميعادي ومنجز موعدي
وانظر الفرق بين (وعد) و (أوعد) في: "ما تلحن فيه العامة" للكسائي: ١١٠، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة: ٢/ ١٨٩، "أدب الكاتب" لابن قتيبة: ١/ ٢٧٢، "مجالس ثعلب" ١/ ٢٢٧، "والخاطريات" لابن جني: ١٩٨، "خزانة الأدب" للبغدادي: ٥/ ١٨٩، ١٩٠. وانظر مادة (وعد) في "تهذيب اللغة" "الصحاح" "اللسان". وقد وردت هذه المحاورة في "عيون الأخبار" ٢/ ١٤٢، "مجالس العلماء" ٦٢، "طبقات النحويين واللغويين" ٣٩، "إنباه الرواة" ٤/ ١٣٣، "مدارج السالكين" لابن القيم: ١/ ٣٩٦، "ميزان الاعتدال" للذهبي: ٤/ ١٩٨، ١٩٩، "لوامع الأنوار" للسفاريني: ١/ ٣٧١.


الصفحة التالية
Icon