وتظاهرهم على النبي - ﷺ -، كتظاهر آل فرعون على موسى عليه السلام.
قال ابنُ الأنباري (١): لم يخاطب الله تعالى العرب إلَّا بما تَعْقِل (٢)، وقد يكون من عادتها أن تحذف المُشَبَّهَ، وتذكر المشَبَّهَ به (٣)، وتكون كاف التشبيه دليلًا على المحذوف، كقول امرئ القيس:
كَدَأبِك من أُمِّ الحْوَيْرِث.... البيت (٤).
أي لَقِيتَ من هذه المنازل، كما لَقِيتَ من هاتين المرأتين (٥)، فحذف، وهذا مشهور في الكلام.

(١) لم أقف على مصدر قوله.
(٢) في (د): (تفعل).
(٣) (به): ساقطة من: (ج).
(٤) البيت من معلقته، وهو في: "ديوانه": ص ١١١. وروايته في "الديوان":
كَدِينك من أمِّ الحوَيْرِثِ قَبْلَها وجارَتِها أُمِّ الرَّباب بِمَأسَلِ
وورد كذلك في "تفسير الطبري" ٣/ ١٩١، "شرح القصائد السبع" لابن الأنباري ٢٧، "إيضاح الوقف والابتداء" لابن الأنباري ٢/ ٥٦٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣١٤، "الأمالي" للقالي ٢/ ٢٩٥، "المنصف" لابن جني ١/ ١٥٠، "شرح المعلقات السبع" للزوزني ص ١٠، "شرح القصائد العشر" للتبريزي ص ١٠، "خزانة الأدب" ٣/ ٢٢٣.
والدأب في البيت: العادة. وكذا قوله: (كدينك) أي: كعادتك. و (أم الحويرث) هي: أخت الحارث الكلبي، وهي امرأة أبي الشاعر، كما صَوَّبَ ذلك البغداديُّ في "خزانة الأدب" وقيل: هي أم الحارث الكلبي. و (أم الرَّبَاب): امرأةٌ من بني كلب أيضًا، و (مَأسِل): إسم جبل.
(٥) أي: لقيت من وقوفك على هذه الديار وتذكرك أهلها، كما لقيت من أم الحويرث وجارتها. وقيل: أصابك من التعب من هذه المرأة، كما أصابك من هاتين المرأتين أي: أصبحت عادتك في حب هذه، كعادتك من تَيْنك في قلة حظك من وصالهما ومعاناتك الوجْد بهما.


الصفحة التالية
Icon