وقال الله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾ (١) [النساء: ١٤٠] ولم يقل: أمثالهم. وقد جمع في قوله ﴿ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨].
وقوله تعالى: ﴿رَأْيَ الْعَيْنِ﴾. يقال: (رَأَيْتُه (٢) رَأيًا)، و (رُؤْية)، و (رأيته في المنام رُؤيا حَسَنَةً) غَيْر مُجْراةٍ (٣). فالرؤيا تختص بالمنام، وهو مصدرٌ لـ (رأيت) (٤)، ويقول: (هو منى رأْيَ العَيْنِ) أي: حيث يقع عليه بصري. فقوله: ﴿رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ يجوز (٥) أن يَنْتَصِبَ عدى المصدر (٦)، ويجوز أن يكون ظرفًا للمكان (٧)، كما تقول: (تروْنهم أَمامَكم). ومثله: (هو مِنِّى مَزْجَرَ الكَلْبِ) (٨)،

= والشاهد في البيت: إفراد (مثل) وهي في موضع التثنية.
(١) فأفرِدَت (مثل) في الآية، وهي في موضع الجمع.
(٢) من قوله: (رأيته..) إلى (.. مجراة): نقله عن "تفسير الطبري" ٣/ ١٩٨ مع التصرف.
(٣) في (ج): (محزاة)، (د): (مجزاة). ومعنى: (غير مُحجْراة): أي أن كلمة (رُؤْيا)، غير مصروفة، والإجراء: المنع من الصرف. وهو من اصطلاحات الكوفيين. يقولون: (ما يجرى وما لا يجرى)، و (الجاري وغير الجاري). قال ابن حجر: (وهذا اصطلاح قديم، يقولون للاسم المصروف: مُجْرى). "فتح الباري" ٨/ ٦٨٤. وقد وردت هذه اللفظة كثيرًا عند الفرَّاء. انظر: "معاني القرآن" ٣/ ١٥٠، ٢١٤، ٢١٨، "والحروف" لأبي الحسين المزني ٥٩، "النحو وكتب التفسير" ١/ ١٨٦، "دراسة في النحو الكوفي" ص ٢٣٣.
(٤) في (د): (مصدرًا رأيت).
(٥) في (ج): (ويجوز).
(٦) والنصب هنا على المصدر: إمَّا المصدر التوكيدي، أو المصدر التشبيهي أي: رأيا مثلَ رأي العين أي: يشبه رأي العين.
(٧) أي: يجوز نصبه لكونه ظرف مكانٍ.
(٨) انظر هذا المَثَل في "كتاب سيبويه" ١/ ٤١٣، ٤١٦، "الأصول" لابن السراج ١/ ١٩٩، "المسائل الحلبيات" للفارسي ٥٩، "اللسان" ٣/ ١٨١٣ (زجر).
والمَزْجَر: اسمٌ لمكان الزَجْر. والزَّجْر: المنع والنهي والانتهار. ومعنى هذا المثل: أنه مني في القرب بتلك المنزلة.
انظر: (زجر) في "اللسان" ٣/ ١٨١٣، "المعجم الوسيط" ١/ ٣٩٠.


الصفحة التالية
Icon