إذا ضربوا في الأرض (ومثله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٢٥]؛ معناه: إنَّ الذين يكفرون. وكذلك قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا﴾ [المائدة: ٣٤]؛ معناه: يَتُوبُون. ومثله: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ [مريم: ٦٠]؛ معناه: إلّا مَن يَتُوب.
ومشهورٌ في كلامهم، أنْ يقول الرجلُ للرجلِ: (لا تضربْ إلّا الذي ضَرَبَكَ؛ إذا سَلَّمْتَ عليه). فيجيء بـ (إذا)؛ لأن (الذي) غير مُؤَقَّت، فلو وَقَّته، لَقَالَ: (اضربْ هذا الذي ضَرَبَكَ؛ إذْ (١) سَلَّمْتَ عليه). ولا يجوز: (إذا سَلَّمْتَ) -ههنا-؛ لأنَّ توقيت (الذي) أبْطَلَ أنْ يكونَ الماضي في معنى المستَقبَلِ. وتقول: (ما هَلَكَ امرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ)؛ لأن الفعل حديثٌ عن مَنْكُورٍ؛ يُراد به الجنس؛ كأنَّ المتكلمَ يريد: (ما يهلك كُلُّ امرئٍ إذا عرف قدره)، أو الرَّجُل وما أشبهها (٢).
هذا مذهب الفراء (٣)، وأنشد:

وإنِّي لآتِيكمْ تَشَكُّرُ ما مَضَى مِنَ الأمرِ واستيجابَ ماكان في غَدِ (٤)
(١) في (أ)، (ب): (إذا). والمثبت من (ج). وهو الصواب.
(٢) في (ج): (أشبههما).
(٣) في "معاني القرآن" له ١/ ٢٤٤.
(٤) البيت للطِّرِمّاح بن حكيم الطائي، وهو في: ذيل ديوانه ٥٧٢، وورد منسوبًا له، في: "أمالي بن الشجري" ١/ ٦٧، ٢/ ٥٣، ٤٥٣، و"اللسان" ٧/ ٣٩٦٢ (كون). وورد غير منسوب في: "معاني الفراء" ١/ ١٨٠، و"تفسير الطبري" ٤/ ١٤٨، و"الخصائص" ٣/ ٣٣١، و"سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٩٨، و"المحرر الوجيز" ٣/ ٣٩٠.
وردت روايته عند ابن الشجري: (من الود)، و (من البر)، و (من الأمس) بدلًا من: (من الأمر). كما وردت روايته: (.. في الغد). وفي "اللسان" (واستنجاز ما كان =


الصفحة التالية
Icon