والمَنُّ: الإعطاء والإنعام، والإحسان إلى مَنْ لا تَسْتَثِيبه. منه قوله تعالى: ﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ﴾ [ص: ٣٩]، وقوله: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [المدثر: ٦] (١). و (المَنَّانُ) -في صفة الله- تعالى-؛ معناه: المُعْطِي ابتداءً (٢).
فمعنى قوله: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾؛ أي: أنعَمَ عليهم، وأحسَنَ

= أن معناه: غيرُ ممنونٍ عليهم. ورُدَّ عليه؛ لأن المِنَّة لله تعالى على أهل الجنة؛ لأنهم دخلوها برحمته تعالى وفضله، لا بأعمالهم. انظر: "تفسير ابن كثير" ٤/ ٥١٩.
(١) معنى الآية -على هذا الوجه-: لا تُعْطِ العطيَّةَ تلتمس أكثر منها. وهذا قول ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وعطاء، وطاوس، وأبي الأحوص، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وقتادة، والسدي، وغيرهم، واستظهره ابن كثير. ويرى الضحاك أن هذا خاص بالنبي - ﷺ -، مباح للناس عامة.
وقيل: لا تعط عطاءً وتستكثره؛ لأن الكريم يستقل ما يعطي، وإن كان كثيرًا. ذكره ابن جُزي.
وهناك أقوال أخرى في الآية، هي:
- لا تمنن بعملك على ربك تستكثره وهو قول الحسن، والربيع، واختيار الطبري.
- وقيل: لا تضعف أن تستكثر من الخير؛ على أنَّ (تَمْنُنْ) -في كلام العرب-: تضعف. وهي رواية خصيف عن مجاهد. أو لا تضعف عن تبليغ الرسالة، وتستكثر ما حملناك من ذلك. ذكره ابن جُزَي.
- وقيل: لا تمنن بالنبوة والقرآن على الناس، تستكثرهم به، تأخذ عليه عوضًا من الدنيا. وهو قول ابن زيد.
انظر: "تفسير الطبري" ٢٩/ ١٤٨ - ١٥٠، "وتفسير ابن جزي" ٨٠٦، و"تفسير ابن كثير" ٤/ ٤٦٦.
(٢) انظر هذه المعاني لـ (المن) في: "الزاهر" ٢/ ٣٥٥ - ٣٥٧، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٩ - ٣٤٦٠، و"مفردات ألفاظ القرآن" ٧٧٧، و"قاموس القرآن" للدامغاني ٤٤٤، و"بصائر ذوي التمييز" ٤/ ٥٢٧ - ٥٢٨.


الصفحة التالية
Icon