وقال السُّدِّي (١): ﴿النَّاسُ﴾ ههنا هم: المنافقون، قالوا للمسلمين حين تجهزوا للمسير إلى بدر، لميعاد أبي سفيان: قد أتوكم في دياركم، فقاتلوكم (٢) وظَفَرِوا (٣) فإنْ أتيتموهم في ديارهم لا يَرْجِعُ منكم أَحَدٌ.
ومحل ﴿الَّذِينَ﴾: رَفْعٌ أو خفْضٌ، على ما ذكرنا في قوله: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا﴾ [آل عمران: ١٧٢] لأن هذا بدل منه.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ يعني: أبا سفيان وأصحابَه.
وقوله (٤): ﴿فَزَادَهُمْ إِيمَانًا﴾ أي: زادهم قولُ الناس لهم إيمانًا. أضمر المصدر، وأسند الفعل إليه. ومثله: قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾ [فاطر: ٤٢]؛ أي: ما زادهم (٥) مجيءُ النذيرِ. ومثله: قوله: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا﴾ [الأحزاب: ٢٢]؛ أي: ما زادهم رؤيتُهم لهم.

= طلبوا من الركب من (عبد القيس) الذين مروا بهم مبتغين المدينة للمِيرَة أن يهوِّلوا من أمر جيش المشركين، ويثَبِّطوا المسلمين عن لقائهم.
وهذا ما رجحه الطبري في "تفسيره" ٤/ ١٨٢، وقال ابن عطية: (وهذا هو تفسير الجمهور لهذه الآية، وأنها في غزوة أحد في الخرجة إلى حمراء الأسد)، واستصوبه "المحرر الوجيز" ٣/ ٤٢٦. ورجحه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٤٦٣. وانظر: "أسباب النزول" للواحدي ١٣٤ - ١٣٥.
(١) قوله في: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٥٤ ب، و"تفسير القرطبي" ٤/ ٢٧٩، و"زاد المسير" ١/ ٥٠٥.
(٢) (فقاتلواكم): ساقطة من (ج).
(٣) في (ج): (فطفروا).
(٤) (أ)، (ب): (وقولهم)، والمثبت من (ج).
(٥) في (ج). (ما جاهم).


الصفحة التالية
Icon