والكفيل؛ يجوز أنْ يُسَمَّى: وكَيلاً؛ لأن الوكيل يكفي الأمور والكفيلُ -أيضًا- موكولٌ إليها الأمر.
١٧٤ - قوله تعالى: ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ﴾ وذلك أنَّ رسولَ الله - ﷺ -، خرج في أصحابه حتى وافوْا بدرَ الصُّغْرَى، وهي ماءٌ لِبَني كِنَانَة (١)، وكانت موضع سُوقٍ لهم، يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام. فلم يلْقَ رسولُ الله - ﷺ -، وأصحابُه، أحدًا من المشركين، ووافقوا السُّوقَ، وكانت معهم نفقاتٌ وتجارات، فباعُوا واشتَرَوْا أُدمًا (٢) وزَبِيبًا، وربحوا وأصابوا للدرهم درهمَيْنِ، وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين (٣)؛ فذلك قوله: ﴿فَانْقَلَبُوا﴾، أي: وخرجوا فانقلبوا. فحذف الخروجَ؛ لأن الانقلابَ يَدُلُّ عليه؛ كقوله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣]؛ أي: فَضَرَبَه (٤) فانْفَلَقَ.
وقوله تعالى: ﴿بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ﴾ قال السُّدِّي (٥)، ومجاهد:

= الفراء-: (ونحن لا نعرف في الكلام: (وَكَلْتُ) ولا (وكَلْتُ إليه): إذا كَفَيْت. فلا ندري من أين له هذا القول). "تفسير أسماء الله الحسنى" ٥٤.
(١) انظر: "معجم البلدان" ١/ ٣٥٧، وانظر تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾ [آية: ١٢٣].
(٢) الأُدُم: جمعٌ، ومفردها: (أُدْم)، و (إدام)، وهو: ما يُستمرأ به الخبز؛ من سائل: كالخل، والزيت، واللبن، وما أشبهه؛ أو من جامد. انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ٢٨٦، و"المصباح المنير" ٤ (أدم)، و"المعجم الوسيط" ١/ ١٠ (أدم).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ١٨٢ - ١٨٣، و"تفسير النسائي" ١/ ٣٤٣ - ٣٤٥.
(٤) في (ج): (فضرب).
(٥) قوله في: "تفسير الطبري" ٤/ ١٨٣، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٣/ ٨١٩، و"زاد المسير" ١/ ٥٠٥ - ٥٠٦.


الصفحة التالية
Icon