ما يتعدى إليه الحِسْبانُ-، ذِكْرُ الحديثِ والمُحَدَّث عنه، نحو: (حَسِبْتُ أن زيدًا منطلقٌ)، و (حَسِبتُ أنْ يقومَ عمرٌو) (١).
فجرى (٢) فيما تَعَدَّى إليه (حَسِبْتُ) الحديثُ، وهو: الانطلاقُ والقيامُ. والمُحَدَّثُ عنه، وهو: زيدٌ أو عَمْرُو. فقام المفعولُ الواحدُ مقامَ المفعولين. وفقوله: ﴿أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ﴾ قد سَدَّ مسَدَّ المفعولين اللَّذَيْن يقتضيهما ﴿يَحْسَبَنَّ﴾.
وقرأ حمزة: ﴿ولا تَحْسَبَنَّ الذين كفروا﴾ بالتاء. و ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ -في هذه القراءة- في موضع نَصْبٍ، بأنّه المفعول الأول.
واختلفوا في وجه هذه القراءة:
فقال الفرّاء (٣): هو على التكرير. المعنى: ولا تَحْسَبَنَّ يا محمدُ الذين كفروا، ولا تَحْسَبَنَّ أنَمَا نمْلِي لهم خيرٌ (٤) لأنفسهم. قال: وهذا كقوله -تعالى-: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً﴾ (٥) [محمد: ١٨]؛ يعنى: فهل ينظرون إلا الساعة، هل يَنْظُرُونَ (٦) إلا أنْ تأتيهم بَغْتةً؟.
وقال الزّجاج (٧): هذه القراءة عندي، يجوز على البدل من
(٢) في (أ)، (ب): (جرت). والمثبت من (ج).
(٣) في "معاني القرآن" له ١/ ٤٤٨. نقله عنه بالمعنى. وهو رأي الكسائي -كذلك-. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٨٠، و"تفسير القرطبي" ٤/ ٢٨٧.
(٤) في (ج): (خيرا).
(٥) في (ج)، و"معاني القرآن": (هل).
(٦) في (ج): (ينتظرون).
(٧) في "معاني القرآن" له ١/ ٤٩١. ناقله عنه بتصرف يسير.