وحكى أبو زيد، عن أبي عمرٍو، أنه كان يقول (١):
التشديد للكثرة، فأما واحدٌ مِن واحدٍ فـ (يَمِيز) -بالتخفيف-. والله -تعالى- يقول: ﴿حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾، فَذَكَر شيئين. و-هذا- كما قال بعضهم (٢) في (الفَرْق) و (التَّفرِيق) (٣).
وحجّة من قرأ بالتشديد: أن التشديد للتكثير والمبالغة، ويِكثر المؤمنون والمنافقون. فالتمييز -ههنا- أَوْلى، والله -تعالى- ذَكَرَ الجِنْسَيْنِ بلفظ ﴿الْخَبِيثَ﴾ و ﴿الطَّيِّبِ﴾ وهما للجِنْس؛ فالمراد بهما: جميع المؤمنين والمنافقين، لا اثنان منهما. وقد قال الله -تعالى-: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الملك: ٨]. وهذا مُطَاوع [(التَّميِيِز). والذي يدل على (٤) أن التخفيف أولى، قولُه: ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ﴾ [يس: ٥٩]، وهو مُطاوع] (٥) (المَيْز).
وقوله تعالى: ﴿لِيُطْلِعَكُمْ﴾.
الإطْلاعُ: أن تُطلِعَ إنسانًا على أمرٍ، لم يكن عَلِمَ (٦) به. فيقال (٧):
(٢) ذكر الثعلبي والقرطبي هذا القائل، وهو: أبو معاذ، الفضل بن خالد المروزي، أحد كبار علماء النحو، قال السيوطي: (وذكره ابن حبان في الثقات، وصنف كتابًا في القرآن). توفي سنة (٢١١ هـ). انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٦٠ أ - ب، و"تفسير القرطبي" ٤/ ٢٨٩، و"بغية الوعاة"، للسيوطي ٢/ ٢٤٥.
(٣) في "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٦٠ أ، (ومثله، إذا جَعلتَ الواحدَ شيئين، قلت: (فَرَقْتُ بينهما)، ومنه: (فَرْقُ الشَّعْرِ). فإن جعلته أشياء، قلت: (فَرَّقتْه تفريقًا). وانظر: "تفسير القرطبي" ٤/ ٢٨٩.
(٤) وردت العبارة في (ج): (والذي يدل من التميين على..). ولم أر لها وجهًا. والعبارة ساقطة من: (أ)، (ب). وما أثبتُّه هو ما استصوبته.
(٥) ما بين المعقوفين: زيادة من (ج).
(٦) في (ج): (يعلم).
(٧) في (ج): (فيقال).