يدل على ذلك: قُبْحُ دخولِ النَفْسِ عليها. ولو قلت: (حَسِبتُ نفسي تفعل كذا). لم يَحْسُنْ، كما يَحْسنُ: (حَسِبْتُنِي)، و (أَحْسِبُنِي) (١).
وحُذِفَتْ واوُ الضميرِ في ﴿يَحْسِبُنَّهم﴾ (٢)؛ لِدُخول النون الثقيلة، واجتماع الساكنين (٣). و-كذلك- يُحذف عند دخول النونِ الخفيفة؛ كما تقول: (لا يَحْسِبُنْ زيدًا ذاهبًا).
وقوله تعالى: ﴿بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ﴾.
في موضع المفعول الثاني. وقرأ حمزة، وعاصم والكسائي -كلاهما- (٤): بالتَّاء، وفتحوا الباءَ من ﴿تَحْسَبَنَّهُمْ﴾ (٥).
ووجه هذه القراءة: أنه حذف (٦) المفعولَ الثاني الذي يقتضيه ﴿تَحْسَبَنَّ﴾ الأول؛ لأن ما يجيء بَعدُ من قوله: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ﴾، يدل عليه.

(١) يجوز في مضارع (حَسِبَ) كسر السين وفتحها. انظر: "المزهر" ١/ ٢٠٩.
(٢) في (أ): (تَحْسُبُنهم) بالتاء وضم السين. وهي خطأ واضح. وفي (ب): (تحسبنهم)، وفي (ج): مهملة من النقط والشكل. والمثبت هو ما استصوبته؛ لاتساقه مع ما سبق.
(٣) أي: سكون الواو، وأول النون المشددة.
(٤) هكذا جاءت في: (أ)، (ب)، (ج): (كلاهما) -على الرفع للمثنى-، والأصل فيها أن تكون: (كلهم)، وتعود على القراء الثلاثة. أو (كليهما) -بالنصب بالياء-، وتعود على القراءتين القرآنيتين ﴿تَحْسَبَنَّ﴾، و ﴿تَحسَبَنَّهُم﴾، وقد ترجع (كلاهما) على عاصم والكسائي.
(٥) أي: ﴿تَحسَبَنَّهُم﴾ -بالتاء وفتح الباء والسين-. إلا أن الكسائي كَسَر السين. انظر: "السبعة" ٢٢٠، و"الحجة" للفارسي ٣/ ١٠١، و"حجة القراءات" ١٨٦، و"إتحاف فضلاء البشر" ص ١٨٣.
(٦) من قوله: (حذف..) إلى (.. لاتفاق الفعلين): نقله -بتصرف- عن: "الحجة" للفارسي ٣/ ١٠٨.


الصفحة التالية
Icon