كَثير: ﴿وَقُتِّلُواْ﴾ -مُشَدَّدَة- (١)؛ لِتَكَرُّرِ القتلِ فيهم، فهو مثل: ﴿مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ﴾ [ص: ٥٠]، ومَنْ خَفَّفَ؛ فإن التخفيف يقع على القليل والكثير.
وقرأ حمزة، والكسائيُّ (٢): ﴿وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا﴾، ولها وجهان:
أحدهما: أن المعطوف بالواو، هو الأوَّلُ في المعنى، وإنْ كان مُؤَخَّرًا في اللفظ؛ لأن (٣) الواوَ لا يُوجِبُ (٤) ترتيبًا.
والثاني: أن المُرادَ بقوله: ﴿وَقتُلُواْ﴾، أي: قُتِلَ بعضُهم، ثم قاتل مَنْ بَقِيَ منهم، ولم يَهِنُوا، ولم يَضْعُفوا، لِلْقَتْلِ الذي وَقَعَ بهم (٥).
وقوله تعالى: ﴿ثَوَابًا مِّن عِندِ اَللَّهِ﴾ قال الزجاجُ (٦): هو مصدرٌ مؤكِّدٌ لِمَا قبله (٧)، لأن معنى ﴿وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ﴾: لأُثِيبَنَّهُمْ.
قال: ومثله: ﴿كِتَابَ اللهِ﴾ (٨)، و ﴿صُنْعَ اللهِ﴾ (٩)؛ لأن ما قبله

(١) انظر: المصادر السابقة.
(٢) انظر: المصادر السابقة، و"النشر" ٢/ ٢٤٦.
(٣) في (ج): (فإن).
(٤) في (ج): (لا توجب).
(٥) استشهد الفارسي في هذا الموضع بقوله تعالى: ﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الآية: ١٤٦. سورة آل عمران].
(٦) في "معاني القرآن" له ١/ ٥٠٠. نقله عنه بتصرف واختصار.
(٧) المصدر المؤكِّد، هو المفعول المطلق. وفي نصبه وجوه أخرى؛ منها: أنه منصوب على التمييز، الذي يسميه الفراء (التفسير). وقيل: منصوب على القطع؛ أي: الحال. وقيل غير ذلك.
انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٥١، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٨٧، و"مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٨٥، و"الدر المصون" ٣/ ٥٤٣ - ٥٤٤.
(٨) سورة النساء: ٢٤. ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾، لأن قبلها جاء قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ﴾ إلى آخر الآية ٢٣ من سورة النساء.
(٩) سورة النمل: ٨٨. ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon