وقوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ حواء (١)، خلقت من (ضلع (٢) من أضلاع آدم، ولذلك قال النبي - ﷺ -: "إن المرأة خلقت من ضلع، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وإن تركتها وفيها عوج استمتعت بها" (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا﴾ يريد فرّق ونشر (٤). قال ابن المُظَفَّر (٥): البث تفريقك الأشياء، يقال بثّوا الخيلَ في الغارة، وبثّ الصياد كِلابه، وخلق الله الخلق فبثّهم في الأرض، بثث البسط إذا نشرتها (٦)، قال الله تعالى: ﴿وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ (٧) [الغاشية: ١٦].
قال الفراء، والزجاج: وبعض العرب يقول أَبَثّ (٨) الله الخلق. وبثّ الحديث إذا نشره وأفشاه، وكذلك أبثه (٩)، قال ذو الرمّة:

(١) عن مجاهد وقتادة والسدي وغيرهم. انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٢٤، والبغوي ٢/ ١٥٩، و"ابن كثير" ١/ ٤٨٧، و"الدر المنثور" ٢/ ٢٠٦.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (د).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٣١) بنحوه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في كتاب الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته (٦٣٥)، ولفظه: "استوصوا بالنساء فإن المرأة خُلِقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء". ومسلم (١٤٦٨) كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء.
(٤) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة (١١١)، "تفسير الطبري" ٤/ ٢٢٥.
(٥) يعني الليث كما في "تهذيب اللغة" ١/ ٢٧٣ (بثث). وكلما أتى بهذه الكنية فأنما يعني: الليث. وتقدمت ترجمته ضمن مصادر الواحدي.
(٦) في "التهذيب" ومثبت البسط إذا بسطت.
(٧) انتهى من "تهذيب اللغة" ١/ ٢٧٣ بتصرف، وانظر: "مقاييس اللغة" ٨٦ - ٨٧ (بث).
(٨) عند الفراء والزجاج: (بث).
(٩) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٥٢ بنصه، "معاني الزجاج" ٣/ ٥ بتصرف.


الصفحة التالية
Icon