وعلى هذا التفسير انتصب الأرحام بالعطف على قوله أي: اتقوا اللهَ واتقوا الأرحامَ، أي: اتقوا حقَّ الأرحام فصلوها ولا تقطعوها (١).
ويجوز على هذا التفسير أنْ يكون منصوبًا بالإغراء، أي: والأرحام فاحفظوها وصلوها، كقولك: الأسدَ الأسدَ (٢)
وهذا التفسير يدل على تحريم قطيعة الرحم، وينبئ بوجوب صلتها. وقرأ حمزة ﴿والأرحامِ﴾ جرًا (٣) بالعطف على المَكْنِيّ في ﴿بِهِ﴾ كما يقال: سألتك باللهِ والرحمِ، ونشدتك باللهِ والرحم، وإنما حَملَه على هذه القراءة ما ورد في التفسير أن المشركين كانوا يقولون: نناشدك بالله والرحم، ونسألك بالله والرحم إلّا فعلت كذا (٤).
وضعف النحويون كلُّهم هذه القراءة واستقبحوها (٥)، فقال أبو علي (٦): هذا ضعيف في القياس قليل في الاستعمال، وما كان كذلك فَتركُ الأخذ به أحسن (٧)؛ وضعفه أنَّ المشاكلة تُراعَى في باب العطف حتى
(٢) القول بنصب ﴿الأرحامَ﴾ على الإغراء لم أره عند غير المؤلف.
(٣) هذه القراءة لحمزة وحده من العشرة، انظر "السبعة" ص ٢٢٦، "المبسوط" ص ١٥٣، "الحجة" ٣/ ١٢١، "النشر" ٢/ ٢٤٧، "البدور الزاهرة" ص ٩٣.
(٤) انظر:"معاني القرآن" ١/ ٢٥٢.
(٥) انظر: "معاني الفراء" ١/ ٢٥٢، "معاني الأخفش" ١/ ٤٣٠، "تفسير الطبري" ٤/ ٢٢٦، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٩١، "معاني الزجاج" ٢/ ٦، "الإنصاف" ٣٧٣ - ٣٧٩، "إملاء ما من به الرحمن" بهامش الفتوحات الإلهية ٢/ ١٨٢، "البحر المحيط" ٣/ ١٥٨، "الدر المصون" ٣/ ٥٥٤.
(٦) في "الحجة" ٣/ ١٢١.
(٧) إلى هنا نص كلامه أبي علي، وما بعده إلى قوله: قال: ويدلك.. بمعناه. انظر "الحجة" ٣/ ١٢١، ١٢٢.