ولأبي عثمان المازني (١) تفسير لهذا الفصل مُقنع، وهو أنه قال: الثاني في العطف شريكٌ للأول، فإنْ كان الأول يصلح أَنْ يكون شريكًا الثاني وإلا لم يصلح أَنْ يكون الثاني شريكًا له. (بيان هذا أنك لا تقول) (٢): مررت بزيدٍ وبك كذلك لا تقول: مررت بك وزيد.
وقال سيبويه: لا يجوز عطف الظاهر على المكني المخفوض من غير إعادة الخافض إلا في ضرورة الشعر (٣)، وأنشد:

فاليَومَ قرَّبت تهجُونا وتشتُمُنا فاذْهَب فَمَا بِكَ والأيامِ من عَجَبِ (٤)
وأنشد الفراء أيضًا:
= "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٠، "اللسان" ٨/ ٤٥٢٥ (نفض).
قال الأزهري: وفي تقديم وتأخير، أراد كأن أصوات أواخر الميس إنقاض الفراريج من إيغال الرواحل بنا، أي من إسراعها السير بنا. والفراريج جمع فروج وهو الفتيّ من ولد الدجاج. "اللسان" ٦/ ٣٣٧١ (فرج)، وإنقاضها أصواتها، ففي "سر صناعة الإعراب" أصوات الفراريج وبين ابن جني فيه أن الميس خشب الرحل. والشاهد منه أنه فصل بين المضاف أصوات والمضاف إليه أواخر.
(١) من "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٦.
(٢) في "معاني الزجاج" قال: فكما لا تقول....
(٣) معنى كلام سيبويه. انظر "الكتاب" ٢/ ٣٨٢ - ٣٨٣.
(٤) الظاهر أن هذا البيت من الأبيات الخمسين عند سيبويه التي لم يُعرف لها قائل. انظر: "الكتاب" ٢/ ٣٨٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٩٠، "الإنصاف" ص ٣٧٧. وقد استشهد بالبيت الزجاج في "معاني القرآن" ٢/ ٧، وقال محققه: البيت للأعشى وينسب لعمرو بن معد يكرب، ولم أجده في ديوان الأعشى. قال عبد السلام هارون في تحقيقه للكتاب: قرَّبت: أخذت وشرهت. يقول: إن هِجاءك الناس وشتمَهم صار أمرًا معروفًا لا يتعجب منه. كما لا يتعجب الناس من فعل الدهر. والشاهد فيه أنه عطف الأيام على الكاف الخطاب دون إعادة حرف الجر.


الصفحة التالية
Icon