وهذا الذي ذكره عطاء هو نوع من أكل مال اليتيِم، ولا يجوز ذلك بأي وجهٍ كان.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] الكناية تعود إلى الأكل، ودل (تأكلوا) على المصدر (١). والحُوب الإثم الكبير، وكذلك الحَوب والحَاب، ثلاث لغات في الاسم والمصدر، يقال: حَاب يحُوب حُوبا، وحَوبا وحَابًا وحيابًة، إذا أَثِم (٢).
قال الفراء: الحُوب لأهل الحجاز، والحَوب لتميم، ومعناهما الإثم (٣).
وقال أمية بن الأسكر الليثي (٤) -وكان ابنه قد هاجر بغير إذنه (٥) -:

وإنَّ مُهَاجِرَينِ تَكنَّفَاهُ غَدَاتَئِذٍ لَقَد خَطِئَا وَحَابَا (٦)
(١) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٣٠، "الدر المصون" ٣/ ٥٥٧.
(٢) انظر: "معاني الفراء" ١/ ٢٥٣، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١١٣، "تفسير ابن جرير" ٤/ ٢٣٠، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٩٢، "مقاييس اللغة" ٢/ ١١٣، "اللسان" ٢/ ١٠٣٦ (حوب).
(٣) ليس في "المعاني"، فقد يكون في كتابه المصادر، وهو مفقود.
(٤) أمية بن حُرثان بن الأسْكَر -بالسين المهملة على الصحيح- الكناني الليثي، شاعر مخضرم، له صحبة، كان سيدًا في قومه، توفي - رضي الله عنه - سنة ٢٠ هـ. انظر: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ١٩٠، "الإصابة" ١/ ٦٤ - ٦٥، "الأعلام" ٢/ ٢٢.
(٥) ابن أمية هو كلاب، وقصته أنه خرج وأخٌ له في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وتركا أباهما أمية وهو شيخ كبير وكان لا يصبر عن كلاب، فاشتكى أمية إلى عمر وأنشده قصيدةً كان البيت التالي منها، فكتب عمر إلي سعد بن أبي وقاص أن رحل كلاب ابن أمية فرحله، فلما قدم المدينة جمعه عمر بأبيه فجعل أميهَ يشَمُّ ابنَه ويبكي. انظر: "ذيل الأمالي والنوادر" للقالي ص ١٠٨، ١٠٩، "الإصابة" ١/ ٦٤ - ٦٥.
(٦) البيت في "مجار القرآن" ١/ ١١٣، "تفسير الطبري" ٤/ ٢٣٠، ٧/ ٥٢٩ لكن عجزه في الموضع الأول: لعمر الله قد خطئا وحابا، "ذيل الآمالي والنوادر" ص ١٠٩،=


الصفحة التالية
Icon