وقال صاحب النظم (١): الواو في هذا الفصل بمنزلة (أو)؛ لأنه لما كانت (أو) بمنزلة واو النسق جاز أن تكون الواو بمنزلة (أو) (٢).
ولا تدل هذه الآية على إباحة التسع (٣)؛ لأن الله تعالى خاطب العرب بأفصح اللغات وأبلغها، وليس من شأن الخطيب البليغ أَنْ يُفرِّق العدد في مثل هذه الحال، يقول: أعط زيدًا درهمين وثلاثة وأربعة؛ لأنه يصير أعيا كلام (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا﴾، أي: في الأربع، بالحب والجماع (٥).

(١) أي مصنف كتاب "نظم القرآن" وهو أبو علي الجرجاني.
(٢) انظر: الطبري ٤/ ٢٣٨، "الكشف والبيان" للثعلبي ٤/ ٦ ب، "معالم التنزيل" ٢/ ١٦١، "غرائب التفسير" ١/ ٢٨٢، واستبعد أبو حيان أن تكون أو بمنزلة الواو، لأن أو لأحد الشيئين أو الأشياء، والواو لمطلق الجمع فيأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها على طريق الجمع. انظر: "البحر" ٣/ ١٦٣. وما ذكره المؤلف حول الواو هنا أقوال متقاربة من حيث المعنى.
(٣) يشير المؤلف إلى بطلان رأي الشيعة الرافضة في ذلك. وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ١٠، والبغوي ٢/ ١٦١، والقرطبي ٥/ ١٧، و"البحر المحيط" ٣/ ١٦٣، وابن كثير ١/ ٤٨٨.
(٤) من "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ١٠ بتصرف. وانظر: "غرائب التفسير" للكرماني ١/ ٢٨٢.
(٥) هذا رأي الضحاك كما عند الطبري ٤/ ٢٣٩، والفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٥٥. انظر: القرطبي ٥/ ٢٠. والظاهر أن العدل إنما هو بالنفقة والقسمة ونحوهما، وليس الزوج مُطالبًا بالعدل في الأمور القلبية والنفسية كالحب، ويدل على ذلك أن الله -عز وجل- يقول: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ [النساء: ١٢٩]، قال الطبري ٥/ ٣١٣ في معناه: لن تطيقوا أيها الرجال أن تسووا بين نسائكم وأزواجكم في حبهن بقلوبكم حتى تعدلوا بينهن في ذلك، فلا يكون في قلوبكم لبعضهن من المحبة إلا مثل ما لصواحبها؛ لأن ذلك مما لا تملكونه وليس إليكم.=


الصفحة التالية
Icon