عنده أصحاب رسول الله - ﷺ - فقالوا: انظر لنفسك فإنّ ولدك لا يُغنون عنك من الله شيئًا، فيُقدِّم جل ماله وَيحجب ولده، وهذا قبل أن تكون الوصية في الثلث، فكره الله ذلك منهم وقال: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ يريد: من بعدهم. ﴿ذُرِّيَّةً ضِعَافًا﴾ يريد: صغارًا. ﴿خَافُوا عَلَيْهِمْ﴾ الفقر، ﴿فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ﴾ يريد: فليخافوا الله إذا تَعدَّوا عند أحد من إخوانهم وهو في الموت. ﴿وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ يريد بالسديد من القول العدل، وهو أن يأمره أن يُخَلِّف ماله لولده ويتصدق ما دون الثلث (١).
وهذا قول أكثر المفسرين، سعيد بن جبير والحسن وقتادة والسدي والضحاك ومجاهد (٢).
والقول الثاني: أن هذا وعظ لولاة اليتامى، وعظوا في تَوِليَتِهم أمرهم بأن يفعلوا كما يحبون أن يُفعل بأولادهم من بعدهم. يقول: وليخش من لو ترك ولدًا صغارًا خاف عليهم الضَّيعة، فليُحسن إلى من كفله من اليتامى، وليفعل بهم ما يحب أن يفعل بولده من بعده.
وهذا قول تحتمله الآية، ولم أر أحدًا من المفسرين ذكره (٣)، وبعض
(٢) انظر: "تفسير القرآن" لعبد الرازق ١/ ١٥٠، والطبري ٢٧٠ - ٢٧١، و"زاد المسير" ٢/ ٢٢، وابن كثير (٤٩٥)، و"الدر المنثور" ٢/ ٢٢٠.
(٣) بل ذكره غير واحد، وهو مروي عن ابن عباس وابن زيد، واستحسنه ابن كثير. انظر "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٢٣، والطبري ٤/ ٢٧٠، و"معاني الزجاج" ٢/ ١٧، و"زاد المسير" ٢/ ٢٢، وابن كثير ٢/ ٢١٠.