قال ابن الأنباري: العرب تقول في الجمع من غير الحيوان: التي، ومن الحيوان: اللاتي، كقوله: ﴿أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥]، وقال في هذه الآية: ﴿وَاللَّاتِي﴾. والعِلّة في ذلك أن الجمع من غير الحيوان سبيله سبيل الشيء الواحد. وتأويله قوله: ﴿أَمْوَالَكُمْ﴾ التي (عدتكم (١)) التي جعل الله لكم قيامًا. وجمع الحيوان لا يُجرى مجرى الواحد، ألا ترى أنك تقول: الأموال أخذتها، والأثواب اشتريتها. وتقول في جميع الحيوان: ما فعلت الهندات اللاتي رأيتهن. فتنعتهن بالجمع (٢)؛ لأن كل واحدة منهن يقع على عين معروفة، ولا يجري مجرى شيء كما يجري الجمع من الموات مجرى شيء و (عدّه) (٣). ومن العرب من يُسَوِّي بين الموات وغيره في هذا المعنى، فيقول: ما فعلت الهندات التي من أمرها كذا، وما فعلت الأثواب اللاتي من قصتهن كذا وكذا. والأول هو المختار (٤). وأنشد في جمع النساء:
من اللَّواتي والّتي واللَّاتي (٥)
وقوله تعالى: ﴿يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ﴾ أي: يفعلنها، يقال: أتيت أمرًا قبيحًا، أي فعلته. قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾ [مريم: ٢٧]، وقال: ﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾ [مريم: ٨٩] (٦).
والفاحشة: الفِعلة القبيحة، وهي مصدر عند أهل اللغة؛ كالعافية

(١) هكذا في (أ)، (د)، وقد تكون: من ربكم.
(٢) في (أ): (بالجميع).
(٣) هكذا في (أ)، وفي (د): (عدة)، ولم تظهر.
(٤) لم أقف على كلام ابن الأنباري، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٠١.
(٥) سبق قريبًا.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٥٨، "عمدة الحافظ" ص ٧ (أتى).


الصفحة التالية
Icon