وقُطْرُب (١) (٢)، وابن الأنباري (٣)، إلا أن بعض هؤلاء قالوا: لكن ما قد سلف فدعوه واجتنبوه (٤).
وقد ذكرنا معنى الاستثناء المنقطع عند قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٥٠].
وقال المفضل: إلا ههنا بمعنى بَعْد، يعني: بعدما قد سلف فإن ذلك معفو عنه (٥). وهذا اختيار الحسن بن يحيى الجرجاني، واحتج بقول الله عز وجل: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ [الدخان: ٥٦]، أي: بعد الموتة الأولى؛ لأن أحدًا لا يدخل الجنة إلا بعد أن يذوق الموت (٦).
وقال الأخفش: في الآية محذوف استثني هذا عنه (٧)، كأنه قيل: لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء؛ فإنكم تؤاخذون به إلا ما قد سلف، أي: فليس عليكم جناح فيما مضى قبل التحريم، وحُذفت المؤاخذة؛ لأن النهي يدل عليه (٨).

(١) هو أبو علي محمد بن المُستنير بن أحمد، اشتهر بلقبه (قُطْرُب) تقدمت ترجمته.
(٢) انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ٣٣ ب، "زاد المسير" ٢/ ٤٥.
(٣) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٤٥.
(٤) "الكشف والبيان" ٤/ ٣٣ ب.
(٥) انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ٣٣ ب.
(٦) اختيار الجرجاني قد يكون في "نظم القرآن" وهو مفقود.
(٧) هكذا في (أ)، (د)، ولعل الصواب: منه بالميم.
(٨) عبارة الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ٤٤٠: وقال: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾؛ لأن معناه: فإنكم تؤخذون به، فلذلك قال: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾، أي: فليس عليكم جناح، فكأن في كلامه سقطًا، أو أن المؤلف تصرف في العبارة.


الصفحة التالية
Icon