فقد حصل من هذا أنه امرأة حَاصِن وحَصَان بينة الحِصن والحَصَن والحَصانة، ثلاث مصادر.
وأنشد ابن السكيت (١):

الحِصن أدنى لو تأييته من حثيِك التُّرب على الراكِب (٢)
وقال الزجاج: يقال: امرأة حصان بينّة الحصن، وفرس حصان: بيّن التحصن والتحصين، وبناء حصين: بيّن الحصانة، ولو قيل في كله: الحصانة، لجاز بإجماع (٣).
وأما الإحصان فإنه يقع على معان كلها ترجع إلى معنى واحد، منها الحرية، يدل على ذلك قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ [النور: ٤] يعني: الحرائر (٤)، ألا ترى أنه إذا قذف غير حرة لم يُجلد ثمانين، وكذلك قوله: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ﴾ [النساء: ٢٥] يعني الحرائر، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ [النساء: ٢٥]، أي: الحرائر (٥).
ومنها (٦) العفاف، وهو قوله: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾ [النساء: ٢٥]، (٧)، وقوله تعالى: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ [النساء: ٢٤] [المائدة: ٥]
(١) هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، تقدمت ترجمته.
(٢) انظر: "اللسان" ٢/ ٩٠٢ (حصن).
(٣) ليس في "معاني الزجاج" عند تفسيره لهذه الآية.
(٤) انظر: "الطبري" ٥/ ٢٤.
(٥) هذا رأي ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وابن زيد وغيرهم. انظر "تفسير ابن عباس" ص ١٤٣، والطبري ٥/ ١٧.
(٦) أي من المعاني التي يقع عليها لفظ الإحصان.
(٧) انظر "تفسير ابن عباس" ص ١٤٣، والطبري ٥/ ١٩.


الصفحة التالية
Icon